قد يبدو الفن و العلم مثل الأضداد القطبية. ينطوي أحدهما على التدفق الإبداعي للأفكار، و يتضمن الآخر البيانات الصلبة والباردة، أو هكذا يعتقد بعض الناس. في الواقع، لدى الاثنين الكثير من القواسم المشتركة، إذ يتطلب كلاهما الكثير من الإبداع، وأيضًا يستخدمهما الناس كليهما لفهم العالم من حولنا بشكلٍ أفضل. الآن، وجدت دراسة أنه من الممكن أن يساعد الفن الطلاب على تذكر ما تعلموه بشكل أفضل في فصل العلوم.
تعمل ماريال هارديمان Mariale Hardiman كمتخصصة في التعليم في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، ماريلاند. وقد لاحظت عندما كانت مديرة مدرسة أن الطلاب الذين استخدموا الفن في الفصل كانوا أكثر تفاعلًا. قد يستمعون باهتمام أكبر، وقد يطرحون المزيد من الأسئلة، وقد يتطوعون بمزيد من الأفكار. علاوةً على ذلك، يبدو أن الطلاب يتذكرون المزيد مما تعلموه عندما تضمنت دروسهم الفن.
لكن هارديمان عرفت أن الطريقة الوحيدة لاختبار ما إذا كان الفن يحسن التعلم حقًا وكيفية ذلك هي اختباره تجريبيًا، ولذلك تعاونت مع باحثين آخرين من جونز هوبكنز وست مدارس محلية.
عمل الباحثون مع المعلمين في 16 فصلًا دراسيًا في الصف الخامس. أخذ العلماء دروس العلوم التقليدية وبابتكروا إصدارات منها تركز على الفن.
في صف العلوم التقليدي، على سبيل المثال، قد يقرأ الطلاب بصوتٍ عالٍ من كتاب. في الصف الذي يركز على الفن، قد يغنون الآن أو يغنون بطريقة الراب المعلومات بدلًا من ذلك.
مثال آخر: غالبًا ما تستخدم صفوف الدراسية للعلوم التقليدية الجداول والرسوم البيانية. يدلًا من ذلك كان الطلاب صفوف الدراسية التي تركز على الفن يصنعون الملصقات الفنية وأنواعًا أخرى من الفن. في النهاية يحصل الجميع على نفس المعلومات، فقط يتعلمونها بطرائق مختلفةٍ.
ثم فرز الفريق كلّ طالب من 350 طالبًا بشكل عشوائي إما إلى فصل دراسي تقليدي للعلوم أو فصل يركز على الفن.
ثم تعلم الطلاب العلوم باستخدام هذا النهج للوحدة بأكملها، لنحو ثلاثة أسابيع، وعندما تحولوا إلى موضوع جديد، تغير الطلاب أيضًا إلى النوع الآخر من الفصل.
بهذه الطريقة، كان لكل طالب فصل يركز على الفن وفصل أساسي، وكانت كل وحدة تُدرَّس في كلا الأسلوبين لمجموعات مختلفة من الطلاب، ما سمح للباحثين أن يروا كيفية أداء الطلاب في كلا النوعين من الصفوف.
قبل وبعد كل مرحلة من مراحل التجربة، خضع الطلاب لاختبارات. أجروا اختبارًا ثالثًا بعد 10 أسابيع. قاس هذا الاختبار ما تذكر الطلاب جيدًا ممّا تعلموه قبل شهرين. نظر فريق البحث أيضًا في مدى أداء كل طالب في اختبار القراءة الحكومي.
سمح لهم ذلك بمقارنة كيفية تأثير الفصول الدراسية الفنية وغير الفنية على الطلاب الذين لديهم أنواع مختلفة من قدرات التعلم.
حقق الطلاب الذين قرؤوا على مستوى صفهم أو أعلى منه أداءً جيدًا في كلا النوعين من الفصول، واكتسب أولئك الذين كان لديهم درجات قراءة أقل المزيد من العلوم لو دُرِّست في فصل يركز على الفن.
تقول هارديمان أن أداء الأطفال في الواقع كان أفضل في الاختبار الثالث في بعض الحالات، بعد أشهر، مما كان عليه في تلك الاختبارات التي أجريت في وقت سابق. وذكر معلمو الفصول الدراسية: “واصل العديد من الطلاب غناء الأغاني أو موسيقى الراب التي تعلموها بعد الانتهاء من الوحدة”، تنوّه هارديمان: “كلما سمعنا شيئًًا أكثر، احتفظنا به”.
كان أداء الطلاب الذين بدؤوا في الصفوف الدراسية العادية أفضل بعد انتقالهم إلى صف يركز على الفن، ولكن أولئك الذين بدؤوا في صف يركز على الفن فقد حققوا أداءً جيدًا حتى عندما عادوا إلى صف العلوم المعتاد.
تشير هارديمان إلى أنه من الظاهر أن هؤلاء الأطفال يستخدمون بعض التقنيات الفنية بعد العودة إلى الصف التقليدي، وتقول: “استمر البعض في الرسم أو الغناء لمساعدتهم في الحفاظ على المعلومات. يشير هذا إلى أن الفنون قد تساعد الطلاب على تطبيق طرائق مبتكرةٍ للتعلم من تلقاء نفسهم”.
شارك فريقها نتائجه في 7 شباط/فبراير في مجلة Trends in Neuroscience and Education المختصة في علم الأعصاب والتعليم.
يقول جيمي مارتينيز Jaime Martinez، وهو متخصص في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والفنون والرياضيات (STEAM) في معهد نيويورك للتكنولوجيا في مدينة نيويورك، إن الدراسة تأخذ الفن كوسيلةٍ لتعلم العلوم على محمل الجد.
لم يشارك مارتينيز في الدراسة، ويقول أنه من المفهوم أن المؤلفين قد يفسرون نتائجهم الجديدة كنهج مفيد لمساعدة القراء المتعثرين، لكنه يعتقد أيضًا أن هناك فائدة أوسع لاستخدام الفنون في الفصول الدراسية.
يجد الباحثون والمدرسون أن الطلاب في الفصول التي تركز على الفن يطورون المزيد من الإبداع ويتعلمون التعاون لمهارات أفضل، كما أشار.
توافق هارديمان على أن الجميع يستفيد من الفنون، وتقول:
“يجب على جميع المعلمين تعلم كيفية استخدام الفنون كأداة تعليمية لتعزيز التعلم”.
- ترجمة: كارلا أبكاريان.
- مراجعة: رأفت فياض.