خصائص الحياة

علم الأحياء هو العلم الذي يدرس الحياة، لكن ما هي الحياة بالضبط؟ قد يبدو هذا وكأنه سؤال سخيف مع إجابة واضحة، ولكن ليس من السهل دائمًا تعريف الحياة. على سبيل المثال: يُدعى أحد فروع علم الأحياء علم الفيروسات وهو يدرس الفيروسات، والتي تظهر بعض خصائص الكائنات الحية ولكنها تفتقر إلى خصائص أخرى؛ اتضح أنه على الرغم من أن الفيروسات يمكنها مهاجمة الكائنات الحية، والتسبب في الأمراض، وحتى التكاثر، فإنها لا تفي بالمعايير التي يستخدمها علماء الأحياء لتعريف الحياة؛ وبالتالي، فإن علماء الفيروسات ليسوا علماء أحياء، بالمعنى الدقيق للكلمة. وبالمثل، يدرس بعض علماء الأحياء التطور الجزيئي المبكر الذي أدى إلى ظهور الحياة؛ نظرًا لأن الأحداث التي سبقت “الحياة” ليست أحداثًا بيولوجية، فإن هؤلاء العلماء مستبعدون أيضًا من انتماء أبحاثهم إلى علم الأحياء بالمعنى الدقيق للكلمة.

منذ بداياته الأولى، تصارع علم الأحياء مع هذه الأسئلة: ما هي الخصائص المشتركة التي تجعل شيئًا ما “حيًا”؟ وبمجرد علمنا بوجود شيء ما على قيد الحياة، كيف نستطيع إيجاد مستويات من التنظيم الحيوي  في بنيته؟

خصائص الحياة

تشترك جميع الكائنات الحية في العديد من الخصائص أو الوظائف الرئيسية: الترتيب، والحساسية أو الاستجابة للبيئة، والتكاثر، والنمو والتنمية، والتنظيم، والاستتباب، ومعالجة الطاقة. عندما يُنظر إليها معًا، تعمل هذه الخصائص على تحديد الحياة.

الترتيب Order:

الكائنات هي بُنىً عالية التنظيم والتنسيق، تتكون من خلية واحدة أو أكثر. حتى الكائنات البسيطة أحادية الخلية معقدة للغاية: داخل كل خلية، تشكل الذرات جزيئات؛ تشكل هذه بدورها عضيات الخلايا وغيرها من المكتنفات الخلوية.

في الكائنات متعددة الخلايا (الشكل 1)، تشكل الخلايا المتماثلة أنسجة؛ تشكل الأنسجة بدورها أعضاء (بُنى في الجسم مكونة من تجمع الأنسجة الحيوية و تؤدي وظيفة محددة)، تعمل الأعضاء معًا لتكوين أجهزة الجسم المختلفة.

الحساسية والاستجابة للمنبهات:

تستجيب الكائنات الحية لمنبهات متنوعة؛ على سبيل المثال: يمكن أن تنحني النباتات نحو مصدر الضوء، أو تتسلق على الأسوار والجدران، أو تستجيب للّمس (الشكل 2). حتى البكتيريا الصغيرة يمكن أن تتحرك باتجاه المواد الكيميائية أو بعيدًا عنها (عملية تسمى الاستقطاب الكيميائي) أو الضوء (الاستقطاب الضوئي). تُعتبر الحركة نحو المنبه استجابة إيجابية، في حين يُعتبر الابتعاد عن المنبه استجابةً سلبية. شاهد هذا الفيديو لترى كيف تستجيب النباتات لمنبه من التوجه نحو الضوء، إلى التفاف المحلاق حول الدعامة، والتقاط الفريسة.

التكاثر:

تتكاثر الكائنات أحادية الخلية عن طريق مضاعفة الحمض النووي الخاص بها أولًا، ثم تقسمه بالتساوي مع استعداد الخلية للانقسام لتشكيل خليتين جديدتين. غالبًا ما تتكاثر الكائنات متعددة الخلايا عن طريق خلايا تناسلية متخصصة ستشكل أفرادًا جددًا. عندما يحدث التكاثر، تنتقل الجينات عبر الحمض النووي من الآباء إلى الذرية. وتضمن هذه الجينات أن النسل سوف ينتمي إلى نفس النوع وسيكون له خصائص مماثلة، من مثل الحجم والشكل.

النمو والتنمية:

تنمو الكائنات الحية وتتطور باتباع التعليمات المحددة المشفرة بواسطة جيناتها. توفر هذه الجينات إرشادات من شأنها توجيه النمو الخلوي وتطوره، مما يضمن نمو صغار الأنواع (الشكل 3) لإظهار العديد من الخصائص ذاتها التي يتمتع بها والديها.

التنظيم:

حتى أصغر الكائنات الحية معقدة وتتطلب آليات تنظيمية متعددة لتنسيق الوظائف الداخلية، والاستجابة للمنبهات، والتعامل مع الضغوط البيئية. مثالان على الوظائف الداخلية التي تُنظَّم في الكائن الحي هما نقل المغذيات وتدفق الدم في الجسم. تؤدي الأعضاء (مجموعات الأنسجة التي تعمل معًا) وظائف محددة، من مثل حمل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، وإزالة الفضلات، وإيصال العناصر الغذائية لكل خلية، وتبريد الجسم.

الاستتباب:

لكي تعمل الخلايا بشكل صحيح، تحتاج إلى ظروف ملائمة مثل درجة الحرارة المناسبة، ودرجة الحموضة، والتراكيز المناسبة للمواد الكيميائية المتنوعة. قد تتغير هذه الشروط من لحظة إلى أخرى، ومع ذلك تستطيع الكائنات الحفاظ على ظروفها الداخلية ضمن نطاق ضيق مستقر بشكل دائم تقريبًا، على الرغم من تلك التغيرات البيئية ، من خلال الاستتباب (حرفيًا، “حالة مستقرة”) – أو قدرة الكائن الحي على الحفاظ على الظروف الداخلية الثابتة. على سبيل المثال، يحتاج الكائن الحي إلى تنظيم درجة حرارة الجسم من خلال عملية تعرف باسم التنظيم الحراري. الكائنات الحية التي تعيش في المناخات الباردة، من مثل الدب القطبي (الشكل 4)، لديها بنية جسدية التي تساعدهم على تحمل درجات الحرارة المنخفضة والحفاظ على حرارة الجسم. تشمل البُنى التي تساعد في هذا النوع من العزل الفراء والريش والدهون. في المناخات الحارة، لدى الكائنات الحية طرائق (من مثل التعرق عند البشر أو اللهاث عند الكلاب) التي تساعدها على التخلص من حرارة الجسم الزائدة.

معالجة الطاقة:

تستخدم جميع الكائنات الحية مصدرًا للطاقة لإنجاز أنشطتها الاستقلابية. بعض الكائنات الحية تلتقط الطاقة من الشمس وتحولها إلى طاقة كيميائية في الغذاء (التركيب الضوئي)؛ تستخدم كائنات أخرى الطاقة الكيميائية في الجزيئات التي تتناولها كغذاء (التنفس الخلوي).

مستويات التنظيم عند الكائنات الحية:

الكائنات الحية ذات بنية منظمة للغاية، تتبع التسلسل الهرمي الذي يمكن دراسته على نطاق يتدرج من صغير إلى كبير. الذرة هي أصغر وأهم وحدة في المادة التي تتألف بدورها من نواة محاطة بالإلكترونات. ترتبط ذرتان أو أكثر ببعضها بواسطة رابطة كيميائية واحدة أو أكثر لتكوين جزيء. العديد من الجزيئات ذات الأهمية البيولوجية هي الجزيئات الكبيرة، الجزيئات الكبيرة التي تتشكل عادةً بواسطة البلمرة (البوليمر هو جزيء كبير يُصنَّع عن طريق الجمع بين وحدات أصغر تسمى المونومرات، وهي أبسط من الجزيئات الكبيرة). مثال على جزيء كبير هو الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (DNA) (الشكل 6)، الذي يحتوي على التعليمات الوراثية المعبرة عن بنية وعمل جميع الكائنات الحية.

تحتوي بعض الخلايا على تجمعات من الجزيئات الكبرية المحاطة بالأغشية، وتُسمى هذه البنى بالعضيات. العضيات هي بُنى صغيرة موجودة داخل الخلايا. تشمل الأمثلة عنها: المتقدرات والصانعات الخضراء، التي تؤدي وظائف لا غنى عنها: تنتج المتقدرات الطاقة لتزود الخلية بها، في حين تمكن البلاستيدات أو الصانعات الخضراء النباتات الخضراء من استخدام طاقة ضوء الشمس لصنع السكريات.

جميع الكائنات الحية مركبة من الخلايا؛ الخلية نفسها هي أصغر وحدة أساسية في بنية ووظيفة الكائنات الحية. (هذا الشرط هو السبب وراء عدم اعتبار الفيروسات كائنات حية: فهي ليست مكونة من خلايا. ولإنتاج فيروسات جديدة، يتعين عليها غزو وسلب الآلية التكاثرية للخلية الحية المضيفة؛ وعندها فقط يمكنها الحصول على المواد التي تحتاج إليها للتكاثر).

تتكون بعض الكائنات الحية من خلية واحدة والبعض الآخر متعدد الخلايا.

تصنف الخلايا على أنها بدائية النوى أو حقيقية النوى. بدائيات النوى هي كائنات وحيدة الخلية أو مستعمرة لا تحتوي على نوى أو عضيات ذات غشاء؛ في المقابل، تحتوي خلايا حقيقيات النوى على عضيات ذات غشاء ونواة محاطة بغشائها النووي الخاص.

في معظم الكائنات متعددة الخلايا، تتحد الخلايا لتكوين أنسجة، وهي مجموعات من الخلايا المتشابهة تؤدي وظائف مماثلة أو ذات صلة. الأعضاء هي مجموعات من الأنسجة مجتمعة معًا تؤدي وظيفة مشتركة. لا توجد الأعضاء فقط في الحيوانات ولكن أيضًا في النباتات. نظام الأعضاء (الأجهزة) هو مستوى أعلى من التنظيم يتكون من أعضاء مرتبطة وظيفيًا. لدى الثدييات العديد من أجهزة الجسم. على سبيل المثال: ينقل جهاز الدوران الدم عبر الجسم ومن وإلى الرئتين، ويشمل أعضاء مثل القلب والأوعية الدموية.

الكائنات الحية هي كيانات حية فردية؛ على سبيل المثال: كل شجرة في الغابة هي كائن حي. تُعتبر الكائنات بدائية النواة أحادية الخلية وحقيقية النواة أحادية الخلية، تُعتبر أيضًا كائنات حية ويُشار إليها عادةً باسم الكائنات الحية الدقيقة.

يُسمّى جميع الأفراد المنتمية إلى نوع معين والتي تعيش داخل منطقة معينة تجمُّع الكائنات الحية. على سبيل المثال: قد تتضمن الغابة العديد من أشجار الصنوبر. كل هذه الأشجار الصنوبرية تمثل تجمّع أشجار الصنوبر في هذه الغابة. قد تعيش مجموعات مختلفة في نفس المنطقة المحددة. على سبيل المثال: تتضمن الغابة التي تحتوي على أشجار الصنوبر مجموعات من النباتات المزهرة وكذلك الحشرات والسلالات الميكروبية. المجتمع هو مجموع الكائنات الذين يعيشون في منطقة معينة، على سبيل المثال: تشكل جميع الأشجار والزهور والحشرات وغيرها من الكائنات في الغابة مجتمعَ الغابة. الغابة نفسها هي نظام بيئي. يتكون النظام البيئي من جميع الكائنات الحية في منطقة معينة إلى جانب الأجزاء غير الحية لتلك البيئة من مثل النيتروجين في التربة أو مياه الأمطار. على أعلى مستوى من التنظيم (الشكل 7)، يمثل المحيط الحيوي مجموعة من جميع النظم الإيكولوجية، ويمثل مناطق الحياة على الأرض، ويشمل الأرض والمياه، وحتى الجو إلى حدٍّ ما.

المصدر