الرجل الشجرة، الزومبي، المستذئبين، قد تبدو هذه الأشياء من وحي الخيال العلمي، ولكن هذه الألقاب مرتبطة بالفعل مع بعض الأمراض النادرة. وهنا سوف نتكلم عن 10 من أكثر الحالات الطبية غرابة و ندرة :
1- خلل التنسج الليفي المعظم المترقي “متلازمة الرجل الحجري ” Fibrodysplasia ossificans progressiva, Stone Man Syndrome

خلل التنسج الليفي المعظم المترقي هو مرض وراثي يستمر في تحويل الأنسجة الرخوة إلى نسيج عظمي مع مرور الزمن . لقد حُدّدت المورثة ACVR1 في العظام، العضلات، الأربطة، الأوتار، والتي تقوم بتنظيم النمو والتطور لهذه الأنسجة، وهي مسؤولة عن تحويل الغضاريف إلى عظام عند الأطفال خلال مرحلة النمو والتطور، ولكن حصول طفرات في هذه المورثة تحول عملية التعظم من عملية مراقبة إلى عملية عشوائيّة، حتى تتحول العضلات الهيكلية إلى عظام مما ينجم عنه التحام المفاصل مع بعضها البعض.
هذا الاضطراب يحصل بنسبة 1 من كل 2 مليون شخص، حاليًّا لا يوجد علاج أو أدوية لهذا الاضطراب، ولكن من الملاحظ أنّ الرضوض تزيد الحالة سوءًا، لذلك أي محاولة لإزالة العظام جراحيًا سوف تتسبب في تحريض الجسم على إنتاج كميات أكبر من العظم في منطقة التداخل الجراحي.
2- وهم كوتارد “متلازمة الجثة السائرة ” Cotard’s deluison “walking corpse syndrome”

وهو مرض عقلي نادر، يؤمن الشخص المصاب بهذا المرض بأنه ميت فعلًا أو بعدم وجوده أو قد يكون مقتنع بشكل كامل بخسارته جزءًا من دمائه وحتى لأعضاء كاملة مثل الدماغ، يميل هؤلاء الأشخاص لعدم تناول الطعام أو الاستحمام لأن الأموات لا يحتاجون لهذه الأشياء، وغالبًا ما يقضون الوقت في المقابر، راغبين بأن يكونوا بين أمثالهم (الموتى)، حسنًا، على الأقل يعتقدون أنهم من أمثالهم.
سبب هذا الاضطراب يعود إلى خلل وظيفي في المنطقة من الدماغ المسؤولة عن ربط المشاعر مع وجوه الأشخاص متضمنةً وجوه المرضى نفسهم (وهي اللوزة الدماغية):
إذا نظر المريض الى وجه شخص يعرفه سابقًا (صديق، زوج، أحد الوالدين، أو حتى حيوانه الأليف) فسوف يظن أن هذا الشخص غير حقيقي وقد استُبدل بشخص محتال مشابه له 100% هذا هو وهم Capgras.
أما إذا رأى المريض وجهه فلن يستطيع أن يفهم الرابط بين وجهه وإحساسه بذاته مما يولد اعتقادًا لديه بأنه غير موجود (Cotard’s delusion) .
أول وصف لهذا النوع من الأوهام كان من قبل عالم الأعصاب (Jules Cotard) عام 1880 و أطلق عليه Le délire des negations أي (هذيان النفي) أو (هذيان الإنكار) حيث كان يقوم بمعالجة مريضة لديه رّمز لها بالاسم المستعار (السيدة إكس) (Mademoiselle X) والتي كانت تؤمن بأن هناك لعنة أصابتها بحيث أنكرت وجود أعضاء كثيرة من جسمها وأنها لا تحتاج للطعام وقد تُوفيت هذه السيدة نتيجة الجوع الشديد.
3- حساسية البرد “شرى البرد” Cold allergy “Cold urticaria”

“the winter is coming “، مع حلول فصل الشتاء على الأشخاص الذين يسكنون النصف الشمالي من الكرة الأرضية والذين يعانون من الحساسية للبرودة، يجب عليكم الحذر والتحضر جيدًا، التعرض للهواء أو الماء البارد من الممكن أن يطلق الزناد لتفاعل تتحرر فيه مادة الهيستامين، تمامًا كالحساسية الناجمة عن لسعات النحل أو تناول الفستق. تحرر الهيستامين يسبب طفح جلدي حاك وتورم موضع في المنطقة المعرضة للبرودة، البعض قد تكون لديه الحالة أكثر شدةً مما يؤدي إلى حدوث وذمة في البلعوم واللسان والذي بدوره قد بكون قاتلًا إذا لم يتلقى المريض الإسعافات اللازمة بسرعة.
ليس من الواضح تمامًا سبب هذه الحالة، ولكن علاجها يعتمد على الأدوية المضادة الهيستامين والتي تستخدم أيضًا عند هؤلاء الذين يعانون من التحسس الفصلي أو التحسس من بعض أنواع الحيوانات الأليفة.
4- خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل، خلل تنسج ليفاندوسكي لوتز، “متلازمة الرجل الشجرة “
Epidermodysplasia Verruciformis, Lewandowsky-Lutz dysplasia, “Tree Man Syndrome”

ما يبدو في الصور التالية على أنها لحاء شجرة تنمو من جلد هؤلاء الأشخاص هو في الحقيقية عبارة عن خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل. طبعًا ليست لحاء شجرة، بل هي ثآليل تتفاقم سوءًا عند التعرض لأشعة الشمس، تكون هذه الثآليل حميدة في المراحل المبكرة من الحياة ، و يزداد احتمال تحولها نحو الخباثة مع التقدم بالعمر.
سبب هذه الثآليل هو طفرة نادرة تصيب الجينات EVER1-EVER2، مع أن وظيفة هذه الجينات غير مدروسة بشكل جيد ولكن لوحظ أن الأشخاص المصابون بهذه الطفرة تصبح بشرتهم شديدة التأثر بالفيروسات الحليمية البشريةHPV من النمط 5 والنمط 8 وهي بالحالة العادية لا تسبب أي أعراض، يوجد بعض الأدوية لتخفيف شدة الأعراض ولكن للأسف لا يوجد أي علاج لهذا المرض.
5- متلازمة جفاف الجلد المصطبغ ” متلازمة أبناء القمر ” Xeroderma Pigmentosum

يحتاج الإنسان إلى ضوء الشمس من أجل تركيب فيتامين D, ولكن التعرض الزائد للأشعة فوق البنفسجية في ضوء الشمس يخرب البشرة، تقريباً 1 من كل مليون شخص مصابون بمتلازمة جفاف الجلد الصباغي فيكونون حساسين جدًا للأشعة فوق البنفسجية، على هؤلاء الأشخاص ان يتجنبوا التعرض لأشعة الشمس بشكل كامل وإلّا سوف يعانون من الحروق وتخرب بشرتهم.
وإذا لم يتخذ الشخص المصاب بهذا المرض الحذر و تجنب أشعة الشمس فمن المرجح بشدّة إصابته بسرطان جلدي.
تنجم هذه المتلازمة عن طفرة نادرة تصيب الجينات المسؤولة عن اصلاح عيوب المادة الوراثية DNA، تتخرب المادة الوراثية بسبب أشعة الشمس، المواد الكيميائية كتلك الموجودة في السجائر، في الحالة العادية الخلايا تكون قادرة على إصلاح عيوب ال DNA قبل أن تسبب مشاكل، أما في حال الشخص المصاب بمتلازمة جفاف الجلد الصباغي فإن العيوب التي تصيب الDNA لا يتم إصلاحها وبالتالي تتراكم هذه العيوب حتى تسبب عيبًا في وظيفة الخلية والتي بدورها تقف عند مفترق طرق إما الموت أو أن التحول إلى خلية سرطانية.
هناك بعض العلاجات لهذه الحالة ولكن لتحقيق أفضل نتيجة في منع حصول الأذية على المريض يجب أن يبقى بشكل كامل بعيداً عن ضوء الشمس.
6- فرط الأشعار ” متلازمة المستذئب” Hypertrichosis, “Werewolf Syndrome” .

فرط الشعرانية قد يكون ولاديًا أو مكتسبًا، الأشخاص المصابين بهذه الحالة منذ الولادة يكون لديهم واحدة من عدة طفرات وراثية معروفة سببت حدوث هذه المتلازمة، بينما الآخرون الذين اكتسبوها في وقت لاحق من حياتهم قد تكون نتيجة تأثير جانبي للعلاج المضاد للصلع (احذر مما تتمنى ، وهناك بعض الحالات المجهولة السبب، خيارات العلاج تتضمن الطرق التقليدية لإزالة الشعر، العلاج بالشمع والليزر لا تعطي نتائج طويلة الأمد.
7- داء الفيل Elephantiasis

يعتبر داء الفيل من الأمراض المدارية المهملة، وهو مرض ناجم عن الإصابة بنوع من الطفيليات المجهرية، هي الديدان الخيطة واسم الدودة التي تسبب هذا الداء هو (الفخرية البنكروفاتية Wuchereria bancrofti)
يحدث داء الفيل بسبب انسداد الأوعية اللمفية بواسطة الديدان البالغة، “وظيفة الجهاز اللمفي الوعائي هي الحفاظ على توازن السوائل بالجسم”، مما يتسبب بحدوث وذمة شديدة للجلد والأنسجة الرخوة، تتوضع هذه الوذمة بشكل رئيسي بالساقين والخصيتين عند الذكور، حوالي 40 مليون شخص حول العالم أصيبوا بهذه الحالة.
يوجد بعض الأدوية للقضاء على الطفيليات، فالتدخل العلاجي الباكر سوف يعطي أفضل النتائج، بالإضافة لوجود بعض الخيارات العلاجية في حال كان داء الفيل يؤثر على الخصى، ولكن ليس على الأطراف.
8- شرى الماء “التحسس للماء ” Aquagenic urticarial, “water alergey”

باعتبار أن النسبة العظمى من مكونات جسم الإنسان هي الماء، فإنه سيكون من الغريب وجود نوع من الحساسية له، بالرغم من أنها ليست حساسية حقيقية لأنها لا تحدث بسبب الاستجابة لتحرر الهيستامين، هناك بعض الأشخاص الذين يظهر لديهم طفح جلدي حاك وبقع حمراء حتى بعد فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز البضع دقائق.
هذه الحالة نادرة نوعاً ما، والسبب فيها غير معروف بشكل واضح، ولكن بعض الخبراء يعتقدون بأن المشكلة ليست بالماء نفسه، وإنما ببعض المواد الكيميائية أو الشوائب في الماء ولكن حتى الماء النقي ممكن أن يطلق الفعالية التحسسية لدى البعض.
العلاج الأكثر شيوعاً هو التطبيق الموضعي للcapsaicin، والذي يستعمل لتخفيف الألم.
9- متلازمة اليد الغريبة THE ALIEN HAND SYNDROME

لابد أنكم سمعتم بالعبارة التي تقول “لا تعلم يدك اليمنى ما تفعله يدك اليسرى “حسناً، عند بعض الأشخاص هذه العبارة دقيقة بشكل حرفي. في هذه المتلازمة تكون إحدى اليدين متمردة وتتصرف بشكل مستقل، تمسك الأشياء وتتصرف بشكل مخالف لما يريده الشخص.
قد تكون هذه المتلازمة كأثر جانبي نادر لرضوض الرأس، أو بعد عمل جراحي على الدماغ.
لا يوجد علاج لهذه الحالة، بالرغم من أنه من الممكن تدبير الأعراض عبر الحفاظ على نشاط فيزيائي ملائم لليد.
- 10- متلازمة اللكنة الغريبة Foreign Accent syndrome

تستطيع اللكنة أن تعطي الكثير من المعلومات عن المكان الذي ينتمي إليه الشخص، و من منّا لم يحاول أن يتكلم بلكنة غريبة عن لكنة موطننا الأصلي. ولكن بعض الأشخاص تتطور لديهم حالة بحيث يتكلمون بلكنة غريبة عليهم بدون إرادتهم، وحتى ولو لم يزوروا تلك المنطقة ابدًا، غالباً يتكلم الشخص عدة أنماط من اللكنات على أوقات مختلفة، أو من الممكن أن يدمجها معاً.
يحدث هذا الاضطراب النادر بشكل نموذجي كأثر جانبي تال للجلطات الدماغية أو بعد العمليات الجراحية على الدماغ، العلاج الوحيد لهذه المتلازمة يكون عن طريق جلسات مكثفة من تعليم الكلام بحيث يتم إعادة تعليم الدماغ التكلم بطريقة معينة.
المصادر: 1 – 2 – 3 – 4 – 5 – 6 – 7 – 8 – 9
- إعداد: علي خلدون رزوق.
- مراجعة: داليا المتني.