يواجه العالم تحدياً بيئياً ملحمياً وخطيراً، حيث تعدت درجات الحرارة في كوكبنا حدودها العظمى، بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها من الغازات المسببة للتلوث البيئي. يمكننا القول أنه من الأمور المشجعة في استغلال الطاقة المتجددة، هي معرفة المكاسب المادية والمعنوية التي يمكن أن تعود علينا من خلالها.
سيتم في هذا المقال ذكر قائمة من الأمور التي حُققت عن طريق الطاقة المتجددة، والتي أعطتنا أَملاً في مستقبل أفضل وأنظف.
1- اعتماد غالبية الأرض على مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2050:
إنَّ التحليلات والإحصاءات لِخارطة طريق الطاقة المتجددة، والتي قد تخالف ما نصًت عليه اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، تتوقع بحلول منتصف القرن الحالي، أنَّ أكثر من ثلاثة أرباع دول العالم سوف يتم تزويدها وإضاءتها بشكل كامل عن طريق مصادر الطاقة المتجددة.
حيث أن أكثر من 139 دولة، سوف يتم تزويدها بِالطاقة البديلة بمختلف أنواعها بنسبة مِئة بالمِئة، كطاقة الرياح، والمياه، والطاقة الشمسية في خلال ثلاثة عقود.
2- مقاطعة شنغهاي في الصين تعمل بالطاقة المتجددة لمدة أسبوع كامل:
عانت الصّين في كثير من الأوقات من الجانب البيئي، ويعود ذلك بسبب القطاع الصناعي الضخم، والتعداد السكاني الهائل، والمدن الضخمة المغطاة بالضباب.
ولكن الصين من أكبر الدول المستثمرة في الطاقة المتجددة، ودليل على ذلك قدرتها على توفير الإضاءة لخمسة ملايين شخص في مقاطعة شنغهاي لمدة أسبوع كامل في شهر حزيران من سنة 2017، فقط باستخدام الطاقة المتجددة.
3- كاليفورنيا دائماً مشرقة:
قد يكون الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير متوافق مع الطّاقة المتجددة، ولكن هذا لا يعني أن سادس أكبر اقتصاد في العالم يجب أن يحذو حذوه.
مثال على ذلك: بالرجوع إلى شهر آيار من عام 2017، كاليفورنيا حققت رقم قياسي جديد في الطاقة المتجددة، حيث أنه من خلال خلاياها وفرت ما يقارب 67.2% من طاقتها من خلال مصادر الطاقة المتجددة، وعند إضافة الطاقة الكهرومائية فإن النسبة ترتفع إلى 80%.
4- بدء الهند بالإِبتعاد عن الفحم:
الهند واحدة من أضخم اقتصاد العالم، والتي لديها سجل حافل في التأثير الضار على البيئة، بسبب الدخان الناتج عن مصانعها، ولكن مع تطور سوق الطاقة المتجددة، فإنَّ الهند تعمل على تبني هذه الأنظمة، ومع تطور قطاع الطاقة الشمسية في الهند، فإنها تنوي إغلاق الكثير من مصانعها التي تعتمد على الفحم، وذلك لتوفير هواء نقي لسكان الهند بشكل خاص، وللعالم بشكل عام.
5- قيام كوستاريكا بإنتاج الكهرباء لمدة 300 يوم بدون حرق الوقود:
بالنسبة لأمة تتكون من 5 ملايين شخص، فإنه لشيء عظيم إنتاج الكهرباء لمدة 300 يوم بدون حرق الوقود.
حيث أعلنت الدولة التي تقع في أمريكا الوسطى في شهر تشرين الثاني من سنة 2017. أنها استطاعت توليد الكهرباء بنسبة 100% عن طريق مصادر الطاقة المتجددة، وبذلك قامت بتحطيم الرقم القياسي الأسبق والذي يعود للصين. وفي شهر كانون الثاني، أعلنت الأخبار والتقارير، أن كوستاريكا قامت بالاعتماد على الطاقة المتجددة لمدة 250 يوم من سنة 2016، وأنها قامت بالاعتماد على الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء بنسبة 98.12% من حاجتها في السنة الواحدة.
ولكن كيف وصلت كوستاريكا لهذا الإنجاز العظيم ؟
إن هذه الدولة الصغيرة التي تقع في أمريكا الوسطى استطاعت توليد الكهرباء لمدة 250 يوم من سنة 2016 ، حيث تمكنت من تغطية احتياجاتها من الكهرباء بنسبة 98.12%. فقد استعملت الجمهورية خليط من مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء مثل: الطاقة المائية، والطاقة الحرارية الأرضية، وطاقة الرياح، والطاقة الشمسية. مما يعني أنها لن تحتاج لاستخدام الوقود الأحفوري لأكثر من ثلثي السنة. وذلك بالنسب التالية:
1- إن محطات الطاقة الكهرومائية من أكبر المصادر المتجددة المساهمة في هذا الإنجاز، حيث أنها استطاعت تغطية 74.53% من الإحتياج الكهربائي للدولة.
2- تم توليد الكهرباء بنسبة 12.74% عن طريق الطاقة الحرارية الأرضية.
3- ساهمت طاقة الرياح بتوليد الكهرباء بنسبة 10.3%.
4- أما بالنسبة للطاقة الشمسية فإنها ساهمت بنسبة قليلة جداً في توليد الطاقة في كوستاريكا، حيث وصلت نسبة مساهمتها إلى 0.01%.
5- المصادر الأخرى غير المتجددة ساهمت بنسبة 1.88% في توليد الطاقة تلك السنة.
العظيم في الأمر أنها ليست المرة الأولى التي تقوم بها كوستاريكا في إبهارنا في مجال الطاقة المتجددة، حيث أنها قامت في عام 2015 بعدم الإعتماد على المصادر الغير متجددة لمدة 75 يوم متتالي.
هطول الأمطارالغزيرة، والطاقة الكهرومائية الناتجة عن ذلك، ساعد كوستاريكا للوصول لذاك الإنجاز، ومما شجَّع الجمهورية للاستثمار في الطاقة المتجددة.
لم تكتفي كوستاريكا بذلك ولكن قامت بتخطي رقمها القياسي، حيث استطاعت خلال 3 أشهر من سنة 2016 بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لمدة 76 يوماً متتالياً، وذلك بمساعدة الأمطار الغزيرة التي حظيت بها الجمهورية.
كمية كبيرة من الطاقة في كوستاريكا يتم إنتاجها عن طريق سد ريفينتازون-Reventazón Dam،
وهو أكبر محطة طاقة في البلاد وفي أمريكا الوسطى، حيث بإمكانه تزويد أكثر من 525000 منزل بالكهرباء.
ومما ساعد كوستاريكا في الوصول لهذا الإنجاز، هو كونها دولة صغيرة، بكثافة سكانية تصل الى 4.9 مليون نسمة، يعيشون بمساحة 51000 كيلومتر مربع، وهو أكثر بقليل من نصف التعداد السكاني في مدينة نيويورك.
الصناعات الأساسية في كوستاريكا هي السياحة والزراعة، حيث أنهما لا تحتاجان الى الطاقة بكميات كبيرة، وهذا أيضاًّ من العوامل التي ساعد كوستاريكا بتحقيق هذا الإنجاز.
أنتجت كوستاريكا 10713 جيجا وات في الساعة من الكهرباء في عام 2015، بينما أنتجت الولايات المتحدة الأمريكية 4 مليون جيجا وات في الساعة.
بعيداً عن الكهرباء في المنازل، هناك الكثير من العمليات التطويرية التي يجب أن تحدث في مجال المواصلات، حيث أنه مع حرق الوقود بواسطة السيارات، والباصات، والقطارات، وصلت نسبة انبعاثات الكربون في كوستاريكا في عام 2014 إلى 70%.
السكك الحديدية، والترام، وغيرها، هي من الحلول والوسائل التي يمكن استخدامها لتطوير أنظمة وسائل النقل العام في الدولة لجعلها أكثر جذباًّ وصديقة للبيئة.
استخدام كوستاريكا للطاقة المتجددة هي علامة مميزة ومثال يحتذى به لبقية العالم.
“يمكن للبلدان النامية أن تأخذ زمام المبادرة في هذا الانتقال” هذا ما قالته مونيكا أرايا، مؤلفة ومستشارة للطاقة النظيفة في كوستاريكا.
6-ألمانيا تحول منجم فحم قديم، إلى مُولِّد للطاقة المتجددة:

بِالرغم من أن العالم يسعى لاستخدام مصادر طاقة نظيفة، إلا أننا يجب أن لا ننسى أن هنالكَ كمية هائلة من مصانع الفحم الموجودة على الكرةِ الأرضية.
بِخصوص ذلك، تقوم ألمانيا بتبني فكرة إعادة التدوير، حيث أنها قامت بتحويل منجم فحم لها في الجهة الشمالية الغربية من البلاد، إلى محطة تخزين طاقة هائلة، يتم فيه تخزين الطاقة الكهرومائية، وبذلك سيستفيد أكثر من 40000 منزل من ذلك.
7- بناء مزرعة للطاقة الشمسية على شكل باندا عملاقة في الصين:

كما قال العظيم إيميت براون، إن كنت تنوي بناء مزرعة شمسية مساحتها 248 فدان، فلماذا لا تفعل ذلك بإستخدام أسلوب وشكل مميز؟
اعتماداًّ على هذا التفكير بأفضل طريقة ممكنة، قامت الصين ببناء منشأة شمسية هائلة على شكل باندا في مدينة داتونغ، حيث قال صنَّاعها أنها ستكون قادرة على توليد 3.2 كيلووات في الساعة من الطاقة الشمسية خلال 25 سنة.
المصادر: ScienceAlert – ScienceAlert
- إعداد: سامي رائد طياح.
- تدقيق لغوي: نسرين أبو زيتون.