in

سلسلة علماء الفلك -8 ألبرت أينشتاين

تحدى ألبرت أينشتاين بطموحه الأفكار العلمية التي سادت لقرون، بطرحه نظريته المثيرة للجدل النسبية العامة.


وضع العالم الألماني ألبرت أينشتاين حجر الأساس لنظرياته في الوقت الذي كان يعمل فيه موظفاً في مكتب براءات الاختراع السويسري في بيرن، وبعد نجاح أوراقه البحثية الأربعة التي طرحها عام 1905 بتحقيق شهرة واسعة، مضى قُدماً نحو الشهرة العالمية بطرحه نظريته النسبية العامة وفوزه بجائزة نوبل على تفسير ظاهرة التأثير الكهروضوئي عام 1921.
كان أحد دعاة السلام ومؤيداً للحركة الصهيونية علناً، وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية هارباً من ألمانيا بعدما اشتدت قوة النازيين فيها، قبل الحرب العالمية الثانية، وأمضى بقية حياته يعيش ويعمل برينستون في ولاية نيو جيرسي.
ولد ألبرت أينشتاين في 14 مارس 1879جنوبي مدينة أولم الألمانية، حيث نشأ في عائلة يهودية متوسطة الحال في ميونخ، وكان مولعاً بالموسيقى خلال طفولته وتعلم العزف على الكمان، واهتم بالعلوم والرياضيات.
انسحب من المدرسة عام 1894 وانتقل لسويسرا حيث أتمَّ دراسته هناك وحصل على قبول في المعهد الاتحادي السويسري للتقنية في زيورخ، ثم تخلى عن جنسيته الألمانية في عام 1896، وبقي بلا جنسية حتى عام 1901 حيث أصبح مواطناً سويسرياً.
عقب استخدام القنبلة الذرية في اليابان والتي ساعدت معادلاته في صناعتها، أصبح أينشتاين من دعاة نزع السلاح النووي حيث شكل اللجنة الطارئة لعلماء الذرة ودعم مشروع العالم مانهاتن، وأيد روبرت أوبينهمر في معارضته للقنبلة الهيدروجينية.
أثناء تواجده في معهد زيوريخ للعلوم التطبيقية وقع في الحب مع زميلته في الدراسة ميلفا ماريك، ولكن والده عارض هذه العلاقة ولم يملك المال للزواج، فرُزق بطفلة غير شرعية عام 1902 اسماها ليسيرل.
بعد حصوله على الوظيفة في مكتب براءات الاختراع السويسري في بيرن، تزوج أينشتاين من ماريك وذلك عام 1903 وأنجبا طفلين آخرين هما هانس عام 1904 وإدوارد عام 1910.

عام معجزة أينشتاين1905

قام بأعظم عمل له خلال فترة عمله في مكتب براءات الاختراع مُنتجاً ما لا يقل عن أربع أوراق علمية في عام 1905 وحده، في الورقة الأولى نشر النظرية الكمية للضوء (مدعومة من قبل الفيزيائي الألماني ماكس بلانك) يشرح فيها ظاهرة تسمى بالتأثير الكهروضوئي حيث تنبعث الإلكترونات من المعدن عند تسليط الضوء عليها.
في الورقة الثانية، قدم خلالها الإثبات التجريبي للنظرية الذرية، حيث قام بتحليل ظاهرة حركة براون وشرح كيفية توضع الجسيمات في الماء.
في الورقة الثالثة، والأكثر شهرة حيث حملت عنوان: ديناميكيا حركة الأجسام والتي تحدى من خلالها التناقض الجلي بين مبدأين فيزيائيين ، الأول هو نظرية نيوتن والتي تتضمن بأن الزمان والمكان مطلقين، أما الثانية نظرية جيمس ماكسويل والتي تقول بأن سرعة الضوء ثابتة، هذه الورقة هي التي قادت أينشتاين لنظريته النسبية الخاصة والتي تتضمن أن قوانين الفيزياء هي نفسها حتى للأجسام المتحركة في جمل المقارنة العطالية المختلفة (أي التي تتحرك بسرعة ثابتة بالنسبة لبعضها ) وسرعة الضوء هي سرعة ثابتة في كل جمل المقارنة العطالية .
أما الورقة الرابعة فأوضح من خلالها العلاقة الجوهرية بين الطاقة والكتلة، التي كانت منفصلة عن بعضها فيما مضى، ومعادلته الشهيرة: E=M.C²
حيث C هو ثابت سرعة الضوء.

من زيوريخ إلى برلين: (1906-1932)

تابع أينشتاين العمل في مكتب براءات الاختراع حتى العام 1909، حيث كان لديه الوقت الكافي للعمل الأكاديمي في جامعة زيوريخ، ثم عاد إلى جامعة برلين في العام 1913 وعُين مديراً لمعهد القيصر فيلهلم للفيزياء، تزامن هذا مع بداية علاقته العاطفية بابنة عمه إيلسا لوينثال والتي تزوجها في نهاية المطاف بعد الطلاق من ميلفا.
في العام 1915 نشر نظريته النسبية العامة والتي اعتبرها أعظم أعماله، تتضمن النظرية أن الجاذبية والحركة تؤثران في المكان والزمان، الأمر الذي يعني بأن قوة الجاذبية باتجاهٍ معين تساوي تسارع الضوء في الاتجاه المعاكس، وإذا انحنى الضوء بفعل التسارع فلا بد أن ينحني بفعل الجاذبية، تلقى بالعام 1919 دعوتان لإجراء تجارب خلال الكسوف الشمسي والتي بينت انحراف الأشعة الضوئية الواردة من النجوم البعيدة بفعل جاذبية الشمس في نفس الطريقة التي افترضها أينشتاين.
كانت النسبية العامة أعظم نظرية عن الجاذبية شهدها العالم منذ عصر نيوتن قبل أكثر من 250 عام، حيث تدفقت نتائجها بسرعة هائلة للعالم بأسره، فقد وصفت صحيفة لندن تايمز هذا الإنجاز ب ثورة في العلم وأيضاً ب نظرية جديدة للكون، وبدأ أينشتاين بجولته حول العالم محاضراً بالآلاف من الحشود في أمريكا وبريطانيا وفرنسا واليابان، في العام 1921 حصل على جائزة نوبل عن التأثير الكهروضوئي لأن النسبية وقتها كانت محطَّ جدلٍ، ثم بدأ بتأسيس علم جديد وهو علم الكونيات الذي يصف الكون على أنه ديناميكي دائم التوسع والانقباض.
بعد وقتٍ طويل أينشتاين اليهودي والداعي للسلام أصبح هدفاً للحقد والعداء في فايمر ألمانيا، التي عانى فيها المواطنين من تدهور الواقع الاقتصادي عقب هزيمة الحرب العالمية، وفي ديسمبر 1932 وقبل تولي هتلر زعامة ألمانيا بشهر، اتخذ أينشتاين قراره في الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تولى منصب في معهد الدراسات المتقدمة في برنستون بولاية نيوجيرسي ولم يعد بعدها إطلاقاً لمسقط رأسه.
انشغل أينشتاين لأكثر من عقد في البحث عن النظرية الموحدة التي تعمل على توحيد قوى الكون وبالتالي قوانين الفيزياء في إطار واحد، مما جعله يزداد انعزالاً عن زملائه الذين ركزوا على نظرية الكم وتطبيقاتها بدلاً من النسبية.
في أواخر الثلاثينيات ساعدت نظرياته ومعادلته الشهيرة E=MC² على تطوير القنبلة الذرية، ففي عام1939 وبإقناع من العالم الفيزيائي الهنغاري ليو سزيلاد عمد أينشتاين لكتابة رسالة إلى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت يحذره فيها من خطر احتمال وقوع القنبلة النووية بأيدي الألمان، حيث أصبح أينشتاين مواطناً أمريكياً في العام 1940 مع احتفاظه بجنسيته السويسرية، حتى أنَّ الحكومة الأمريكية لم تقم بإرسال دعوة له للمشاركة في مشروع مانهاتن بسبب بعض الشكوك في نواياه السلميّة.
تلقى أينشتاين عرضاً عام 1952 من قبل ديفيد يورين لرئاسة اسرائيل لكنه رفض هذا العرض.
خلال السنوات الأخيرة من حياته استمر في العمل على النظرية الموحدة ونشرت مجلة الأمريكي للعلوم مقالاً له عام 1950، وتوفي بعد 5 سنوات.
بعد عقوداً من وفاته ذاع صيته وازدادت مكانته في الوسط الفيزيائي عندما أتمَّ الفيزيائيون الجزء المفقود من نظريته الموحدة وتمكنوا من حلِّ لغز القوى الكبرى وفضاء الأقمار الصناعية بالإضافة إلى التحقق من مبادئ علم الكونيات.

  • إعداد: قتيبة عثمان.
  • مراجعة: اكثم زين الدين.
  • تدقيق لغوي: علاء العقاد.

تعليق واحد

ضع تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

بكتيريا تعيش في أمعائنا تعود لأكثر من 15 مليون سنة!

مفتاح إيقاف/تشغيلٍ حيوي لتنظيم النسل بالتحكّم بحركة النطاف