الثقوب السوداء موجودة بالفعل!

أصبح بإمكاننا أخيراً أن نكون متأكدين من وجود الثقوب السوداء، هذه الوحوش التي تجذب وتلتهم كل ما يقترب منها! كان رصد العلماء مؤخراً للانحناءات في نسيج الزمكان لأول مرة والتي دعيت بالأمواج الثقالية gravitational waves، هو العنصر الأساسي في إثبات وجود الثقوب السوداء.

يقول باو فيغراس Pau Figueras، و هو أحد علماء الفيزياء النظرية في جامعة كامبريدج:

إن هذا الاكتشاف هو أعظم الاكتشافات في مجال الفيزياء العملية خلال مئة عام الماضية، وهو بلا شك يثبت أمرين في نظرية آينشتاين النسبية، وهما : الأمواج الثقالية، والثقوب السوداء.

تبعاً لنظرية آينشتاين النسبية فإن الزمكان ليس مجرد مسرحٍ صلب تجري عليه مسرحية الفيزياء الكونية، بل هو أيضاً يلعبُ دوراً في هذه المسرحية.

إن الأجسام الضخمة كالكواكب والنجوم بإمكانها أن تثني نسيج الزمكان تماماً كما يثني جسم ثقيل فراشاً وُضع عليه، فالجاذبية التي نفهمها نحن على أنها قوة، هي في الحقيقة ناجمة عن الانحناء في نسيج الزمان والمكان.

إن الأجسام الضخمة جداً كالشمس، عندما تصنع انحناء في الزمكان فإنها تجذب الأجسام الأصغر حجماً منها كالأرض. تظهر الثقوب السوداء عندما يصبح الانحناء في نسيج الزمكان كبيراً جداً، على سبيل المثال: عندما ينهار نجمٌ كبيرٌ جداً، يحتل حيزاً صغيراً جداً من الفضاء، فتصبح الجاذبية عندها كبيرة جداً بحيث لا يمكن لأي جسم أن يهرب منها ولا حتى الضوء، فيُدعى عندها بالثقب الأسود.

كان هذا كله موجوداً في نظرية آينشتاين ولكنه لم يكن مثبتاً بدليل قاطع حتى تاريخ الاكتشاف الأخير للأمواج الثقالية، فقد آمن العلماء بوجود الثقوب السوداء ولكنهم لم يملكوا الدليل القاطع.

إن رؤية الثقوب السوداء أمر مستحيل لأنها ببساطة سوداء، لذلك، فإن الطريقة الوحيدة لرصدها هي رؤية تأثيرها في نسيج الزمكان.

تماماً كما يصنع جسم كبير يتحرك في بركة ماء أمواجاً على السطح، فإن ثقباً أسوداً يتحرك في الزمكان سوف يصنع أمواجاً أيضاً، هذه الأمواج الثقالية تكون قويةً بشكلٍ خاص عندما تكون ناتجةً عن ثقبين أسودين يدوران حول بعضهما ويقتربان أكثر فأكثر، حتى يندمجان في النهاية.

تمكنك نظرية أينشتاين من معرفة كيف تبدو الأمواج الثقالية الناتجة عن هذا الاندماج. الأمواج الثقالية التي قام برصدها مرصد لايغو LIGO تبدو تماماً كأمواجٍ ناجمةٍ عن ثقوبٍ سوداء اصطدمت ببعضها بعيداً عن الأرض بحوالي مليار سنة ضوئية. إن رصد هذه الأمواج يُعتبرُ دليلاً إضافياً على صحة نظرية أينشتاين، ودليلاً أولاً على وجود الثقوب السوداء.