in , ,

الفوضى تجعل الأكوان المتعددة بلا لزوم

يتنبّأ العلم بالأمور القابلة للتنبّؤ مُتجاهلًا مُعظم كوننا الفوضوي.

ينظر العلماء إلى الكون، ويرون تنظيمًا مذهلًا. هنالك أجسام وعمليّات ذات تعقيد كبير جدًا. يخضع كلُّ حدثٍ في كوننا لذات القوانين التي تحكم الطبيعة، والتي يُعبَّر عنها بلغة الرياضيات.

تبدو تلك القوانين مضبوطة بشكلٍ جيّد كي تُحدث الحياة، وبالتحديد، الحياة الذكيّة الواعية… فما هي بالضبط القوانين التي تحكم الطبيعة وكيف نكتشفها؟!

إنّ الكون منظّم ومرتّب جدًّا لدرجة أنّنا نقارنه مع البدع الأكثر تعقيدًا ودقة؛ ففي القرنَين الثامن عشر والتاسع عشر قورِن الكونُ مع ساعة تعمل بشكلٍ مثالي؛ فجادل الفلاسفة حول صانع تلك الساعة.

وفي القرنَين العشرين والحادي والعشرين قورِن الكون مع حاسوب فائق يعمل بشكلٍ مثالي؛ فتساءل الباحثون عن الكيفية التي تمّت بها برمجة هذا الحاسوب.

كيف يفسّر المرء كلَّ هذا التنظيم؟ لماذا تبدو القوانين مثاليةً للغاية  لتشكّل الحياة؟ ولماذا يُعبّر عن تلك القوانين بهكذا لغة حسابية مُتقنة؟ هل الكون حقًّا مُنظّم كما يبدو لنا؟

أحد الأجوبة لبعضٍ من تلك الأسئلة هو الأفلاطونية- Platonism (أو نسيبتها الواقعية- Realism). يُشير هذا المُعتقَد إلى أنّ قوانين الطبيعة متجرّدة وقد كانت موجودة دائمًا. تملك تلك القوانين شكلًا مثاليًّا مُتقنًا موجودًا في عالَم أفلاطون.

هذه القوانين موجودة بحالة مثالية، وقد شكّلت الكون الذي نراه حولنا، ولا يقتصر وجودها (أيّ قوانين الطبيعة) على عالم أفلاطون فحسب، بل إنّها توجد إلى جانب الرياضيات المُشكّلة بدقّة. ومن المُفترض أن يساعد هذا في تفسير سبب كتابة القوانين بلغة الرياضيات.

تُهمل الأفلاطونية كثيرًا من الأمور المنشودة؛ فمُعضلتها الأساسية هي أنّها ميتافيزيقيا- metaphysics (ما وراء الطبيعة)، وليست علمًا. على أيّة حال، حتّى لو كان علينا تقبّلها حقيقةً، فتبقى العديد من الأسئلة؛

  • لماذا يملك عالَم أفلاطون تلك القوانين التي تأتي بالحياة الذكية والواعية إلى الكون بدلًا من قوانين أُخرى؟
  • كيف أُعدَّت هذه المثالية الأفلاطونية؟ لماذا يخضع كوننا المادّي إلى تلك القوانين الأثيرية؟
  • كيف يستطيع العلماء والرياضيون (علماء الرياضيات) أن يصلوا إلى صندوق كنز أفلاطون للأفكار المثالية؟

الأكوان المُتعددة” هو جواب آخر ازداد شعبية مؤخرًّا؛ فهذه النظرية محاولةٌ لتفسير سبب امتلاك الكون لتلك القوانين المانحة للحياة، ومَن يعتقد بوجود الأكوان المتعدّدة يؤكّد أنَّ كوننا هو فقط واحد من عدّة أكوان يمتلك كلّ كون مجموعة قوانين خاصّة به، وترتيبات محتملة خاصّة به تتوافق مع تلك القوانين. 

يظن الفيزيائيّون الذين يروّجون لنظرية الأكوان المتعدّدة أنّ القوانين في كلّ كون اعتباطية نوعًا ما. ثم إنّ السبب الذي يجعلنا نرى ترتيبات تلائم الحياة في كوننا هو أنّنا في الواقع نعيش في واحد من أكوان قليلة جدًّا تمتلك هكذا قوانين، وبينما يفسّر تعدّد الأكوان بعض الترتيبات التي نراها، تبقى هنالك أسئلة بلا إجابات.

بدلاً من أن نسأل لماذا يمتلك الكون تنظيمه هذا، يمكننا أن نطرح سؤالًا مقابلًا هو: لماذا يكون للكون المتعدّد تنظيمه هذا؟ هناك مشكلة أُخرى وهي أنّ الأكوان المتعدّدة -إن كانت موجودة- ستجيب عن بعض الأسئلة التي طرحتها، لكن من يقول إنّها موجودة بالفعل؟ بما أنّ معظم الناس يعتقدون أنّنا لا نملك أيّ اتصال مع أكوان أُخرى محتملة، فإنّ مسألة وجود الأكوان المتعدّدة هي في الأساس مسألة ميتافيزيقية (ماورائية).

بشيءٍ من الإسهاب: يتنبأ العلم بالظواهر القابلة للتنبّؤ

هناك تفسير آخر أكثر إثارة للاهتمام لتنظيم قوانين الطبيعة؛ بدلًا من القول إنَّ الكون مُنظَّم للغاية، فلنقل أنّ الكون في الغالب فوضوي ويفتقر في معظمه إلى التنظيم!

السبب في أنّنا نرى هذا التنظيم هو أنّ العلماء يتصرفون مثل المنخل لِيركزوا فقط على الظواهر المُنظمة والتي يمكن التنبؤ بها، ويختاروا الظواهر التي يمكنهم التعامل معها.

يقول بعض الناس إنّ العلم يدرس جميع الظواهر الفيزيائية، وهذا ببساطة غير صحيح؛ فمثلًا: السؤال “من سيفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وينتقل إلى البيت الأبيض؟” هو سؤال فيزيائي لن يجرؤ فيه علماء العلوم الصعبة (العلوم الفيزيائية) على إعطاء تكهّنات مطلقة. 

يمكن النظر إلى ما إذا كان الحاسوب سيتوقف بعد إدخال بيانات معينة أم لا باعتباره سؤالًا فيزيائيًا، ولكننا تعلّمنا من آلان تورينج – Alan Turing أنّه لا يمكن الإجابة على هذا السؤال؛ إذ صنَّف العلماء التركيب العام والارتفاعات العامة لأنواع مختلفة من الغيوم، لكن بشكل عام، ليسوا مُهتمّين على الإطلاق بالشكل الدقيق للغيمة. 

وعلى الرغم من أنّ الشكل يُعد ظاهرة فيزيائية، إلّا أنّ العلماء لا يحاولون دراسته حتى، فلا يدرس العلم جميع الظواهر الفيزيائية، وبدلًا من ذلك، يدرس الظواهر الفيزيائية القابلة للتوقع -وبشيءٍ من الإسهاب: يتنبّأ العلم بظواهر يمكن التنبؤ بها.

وصف العلماء معيارًا خاصًّا بالظواهر التي يقررون دراستها، ويُدعى هذا المعيار: التناظر – symmetry؛ وهو خاصية تنصّ على أنّه بالرغم من تغيّر شيء ما؛ يبقى هناك جزء منه على حاله، فندما تقول أن وجهًا ما يمتلك خاصية تناظر، تعني أنه حتّى إذا انعكس الجانب الأيسر وتمّت مبادلته مع الجانب الأيمن سيظل مظهره كما هو. 

عندما يستخدم الفيزيائيون كلمة التناظر، فإنهم يتكلّمون عن مجموعات من الظواهر الفيزيائية؛ تمتلك مجموعة من الظواهر خاصية التناظر إذا بقيت على حالها بعد حصول بعض التغيير، والمثال الأكثر وضوحًا هو تناظر الموقع – symmetry of location؛ هذا يعني أنّه إذا أُجريَت نفس التجربة في مكانَين مختلفَين، يجب أن نحصل على النتائج ذاتها. كما يعني تناظر الزمن – Symmetry of time أنّ نتائج التجارب لا ينبغي أن تعتمد على وقت حدوث التجربة، وهناك العديد من أنواع التناظر الأُخرى.

إن الظواهر التي يختارها العلماء للدراسة يجب أن تحوي أنواعًا مختلفة من التناظر؛ فحين يرى فيزيائيٌّ كثيرًا من الظواهر، عليه -أوّلًا- تحديد ما إذا كانت هذه الظواهر تمتلك خاصية التناظر. من ثَم يُجري تجارب في أماكن مختلفة، وفي أوقات مختلفة. إذا حقّقَ نفس النتائج، سيدرس تلك الظواهر للعثور على السبب الضمني، وفي المقابل، إذا فشلت تجاربه بأن تكون متناظرة، فإنّه يتجاهل تلك الظواهر.

في حين أدرك علماء مثل جاليليو – Galileo، ونيوتن – Newton أنّ التناظر موجود في الظواهر الفيزيائية، فإنّ قوة التناظر قد استُثمرت بالفعل أوّل مرة من قبل ألبرت آينشتاين – Albert Einstein. 

افترض آينشتاين أنّ قوانين الفيزياء يجب أن تكون هي نفسها حتّى إذا كان المُختبِر يتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء. مع أخذ هذا التناظر بالاعتبار، فقد تمكّن آينشتاين من  صياغة قوانين النسبية الخاصة. كان أينشتاين أوّل من أدرك أنّ التناظر هو السمة المُميِّزة للفيزياء؛ أيًّا كان التناظر سيكون له قانونٌ للطبيعة، أمّا الباقي غير مُتضمَّن في العلم.

بعد فترة وجيزة من إظهار آينشتاين الأهمية الحيوية للتناظر في المسعى العلمي، أثبتت إيمي نوثر – Emmy Noether نظرية عظيمة أنشأت ارتباطًا بين التناظر وقوانين الحفظ – conservation laws. ويتعلّق ذلك بثوابت الطبيعة، التي تُعد جوهرية في الفيزياء الحديثة. 

مُجدّدًا؛ إذا وُجدَ تناظر، ستكون قوانين الحفظ وثوابته موجودة، كما يجب أن يكون الفيزيائي انتقائيًّا، ويدرس تلك الظواهر التي تمتلك خاصية التناظر، ويترك تلك الظواهر التي لا تحوز عليها.

ننتقي الظواهر التي تفي بمقتضيات التناظر وقابلية التنبؤ

هناك بعض المشاكل لهذا الشرح للتنظيم الموجود في الكون؛ من ناحية، يبدو أنّ الظواهر التي نختارها والتي تخضع لقوانين الطبيعة هي بالضبط الظواهر التي تولّد كل الظواهر الأُخرى. 

إنّ قوانين فيزياء الجسيمات، والجاذبية، ونظرية الكَم تمتلك جميعها خاصية التناظر، وتُدرَس من قبل علماء الفيزياء. يبدو أنّ جميع الظواهر تنبثق من هذه النظريات، حتّى تلك التي لا يبدو أنّها تمتلك التناظر. لذا؛ في حين أنّ تحديد هوية الرئيس القادم أمرٌ يقع خارج نطاق العلم، سيحدد هذه الظاهرة علم الاجتماع، الذي يحدّده علم النفس، والذي يحدّده علم الأحياء العصبي الذي يعتمد على الكيمياء والتي تعتمد على فيزياء الجسيمات وميكانيكا الكم.

تحديدُ الفائز في الانتخابات أمرٌ معقد للغاية، فيتعذر على العالِم التعامل معه، لكنّ نتائج الانتخابات ناتجة عن قوانين الفيزياء التي تشكّل جزءًا من العلم.

على الرغم من فشلنا في تفسير تنظيم قوانين الطبيعة، نعتقد أنّه أفضل مرَشَّح ليكون الحل المنشود. إنّه أحد الحلول الوحيدة التي لا تستند إلى أي مبدأ ميتافيزيقي أو وجود العديد من الأكوان غير المرئية. ليس علينا النظر خارج الكون لإيجاد سبب للتنظيم الذي نجده فيه. بدلًا من ذلك، ننظر إلى كيفية نظرنا إلى الظواهر.

قبل أن نمضي قُدُمًا، تجب الإشارة إلى أنّ حلّنا يمتلك خاصية مشتركة مع حل تعدّد الأكوان؛ فقد افترضنا أنّ الكون فوضوي إلى حدٍّ كبير وليس به تنظيم كثير. ومع ذلك، نركز فقط على مقدار التنظيم القليل الموجود. وبالمثل، من يعتقد وجودَ الأكوان المتعددة، يعتقد أن معظم الأكوان المتعددة تفتقر إلى التنظيم لتشكيل الحياة الذكية الواعية في حين يوجد التنظيم المعقد في أكوان قليلة مختارة فقط، ونركز نحن سكان هذا الكون المعقد على هذا التنظيم النادر. 

يركز كِلا الحلين على مقدار ضئيل من التنظيم في كلٍّ الفوضى.

تسلسل هرمي لأنظمة الأعداد

إنَّ فكرة رؤيتنا للتنظيم فقط لأننا نختار الجزء اليسير من الظواهر هي فكرة جديدة وصعبة الاستيعاب. هناك وضع مماثل في الرياضيات مفهومٌ بشكلٍ أكبر؛ فلنركز على أحد الأمثلة المهمة الذي يوضح عملية الاختيار هذه بشكل تام؛ لكن علينا استعراض العديد من أنظمة الأعداد وخصائصها في البداية.

فلنتأمّل الأعداد الحقيقية؛ في بداية المدرسة الثانوية، يرسم المُدرِّس خط الأعداد الحقيقية على السبورة ويقول إنّها كلّ الأعداد التي سيحتاج إليها المرء!

 باختيار أي عددين حقيقيين، نعرف كيفية حساب ناتج جمعهما وطرحهما وجداءَهما وقسمتهما. وهي تؤلّف نظام عددي يُستخدم في كلّ جانب من جوانب العلم؛ للأعداد الحقيقية أيضًا خاصية مهمة هي أنها مرتبة تمامًا. يعني ذلك أنّه بأخذ أي عددين حقيقيين مختلفين، سيكون أحدهما أصغر من الآخر، وبمجرد التفكير في مستقيم الأعداد الحقيقية واختيار أي نقطتين مختلفتين عليه، تكون إحداهما على يمين الأُخرى.

إيمي نوثر – EMMY NOETHER: تنص نظرية نوثر على أن كل قانون من قوانين الحفظ في الفيزياء يرتبط بنوع معيّن من التناظر.

تبدو الأعداد الحقيقية وكأنها صورة كاملة، لكنّ الموضوع لا ينتهي عند هذا الحد؛ ففي القرن السادس عشر، بدأ علماء الرياضيات يبحثون بالفعل في أنظمة أعداد أكثر تعقيدًا. 

شرعوا بالعمل على عدد «تخيّلي» i يمتلك خاصية أنّ مربعه يساوي -1. يقع هذا في تناقض صارخ مع الأعداد الحقيقية التي لا تكون مربعاتها سالبة أبدًا؛ عرّفوا عددًا وهميًّا ينتج عن جداء عدد حقيقي مع i وتابعوا العمل لتعريف عدد مركب ينتج عن جمع عدد حقيقي مع عدد وهمي. إذا كان r1 و r2 عددان حقيقيان، فإنّ r1 + r2i هو عدد مركب. 

بما أنّ العدد المركب يتألف من عددين حقيقيين، فإنّنا عادةً نرسم جميع تلك الأعداد في مستوى ثنائي الأبعاد. يقع خط الأعداد الحقيقية في المستوى العقدي، ويتوافق ذلك مع حقيقة أنّ كلّ عدد حقيقي r1 يمكن أن يُعامل على أنّه العدد المركب r1 + 0i (أيّ العدد نفسه مع مُكوِّن عقدي صفري).

نعلم كيفية جمع الأعداد المركبة وطرحها وضربها وتقسيمها. على أيّة حال، هناك خاصية مختلفة للأعداد العقدية؛ فعلى النقيض من الأعداد الحقيقية، ليست الأعداد المركبة مرتّبة بشكل كلي وبأخذ عددين مركبين  لنقل 3 + 7.2i  و 6 – 4i، هل يمكن أن نحدّد أيّهما أكبر وأيهما أصغر؟

لا توجد إجابة واضحة. (في الواقع، يمكن للمرء أن يرتب الأعداد المركبة بشكل تام ولكن الترتيب لن يخضع لعملية جداء الأعداد المركبة.)، تعني حقيقة أنّ الأعداد المركبة غير مرتبة بشكل كامل أنّنا نفقد التنظيم حين ننتقل من الأعداد الحقيقية إلى الأعداد المركبة.

لا ينتهي الأمر مع الأعداد المركبة؛ فكما تستطيع صياغة الأعداد المركبة من أزواج من الأعداد الحقيقية، كذلك يمكنك صوغ الكواترنات (quaternions) من أزواج من الأعداد المركبة. ليكن c1 = r1 + r2i و c2 = r3 + r4i عددان مركّبان؛ عندها يمكننا صياغة كواترنيون q = c1 + c2j حيث j عبارة عن عدد خاص. وتبيّن أنّ كل كواترنيون يمكن كتابته بالشكل الآتي:

r1 + r2i + r3j + r4k

حيث i ، j، وk هي أعداد خاصة مشابهة للأعداد المركبة (تُعرّف بواسطة ijk = -1 = i2 = j2 = k2).

إذن؛ في حين تتكون الأعداد المركبة من عددين حقيقيين، تتكوّن الكواترنات من أربعة أعداد حقيقية. يمكن رؤية كل عدد مركب r1 + r2i كنوع خاص من الكواترنات: r1 + r2i + 0j + 0k.

يمكننا أن نتأمل الكواترنات على أنها فضاء رباعي الأبعاد يحوي الأعداد المركبة كمجموعة فرعية ثنائية الأبعاد. نواجه نحن البشر صعوبة في تصوّر مثل هذه الفضاءات ذات الأبعاد العالية.

إنّ الكواترنات عبارة عن نظام أعداد مكتمل يمكن حساب ناتج جمع هذه الأعداد وطرحها وجداءها وتقسيمها بسهولة. كما هي الحال في الأعداد المركبة، هي ليست مرتبة بالكامل؛ لكن لديها -أي الكواترنات- تنظيم أقل من الأعداد المركبة. 

في حين أنّ جداء الأعداد المركبة هو جداء تبادلي؛ أيّ من أجل جميع الأعداد المركبة c1 وc2 لدينا: c1c2 = c2c1، هذا ليس صحيحًا بالنسبة لجميع الكواترنات، وهذا يعني أنّ هناك كواترنات مثل q1 وq2 بحيث يختلف q1q2 عن q2q1.

بدلًا من النظر إلى الأعداد الحقيقية بصفتها نظام محوري والأوكتونات بصفتها أنظمة عددية كبيرة وغريبة، تأمّل الأوكتونات بصفتها نظام أساسي وجميع أنظمة الأعداد الأُخرى كمجموعات فرعية خاصة من الأوكتونات.

وتُسمى عمليةُ مضاعفةِ نظامٍ عددي بعدد خاص جديد: إنشاء كايلي-ديكسون (Cayley–Dickson construction)، والتي سُميَّت تيمّنًا بعالِمي الرياضيات آرثر كايلي (Arthur Cayley) وليونارد يوجين ديكسون (Leonard Eugene Dickson).

بأخذ نوع معين من أنظمة الأعداد تحصل على نظام أعداد آخر تكون أبعاده ضعف أبعاد النظام الأصلي، وفيه تنظيم أقل (أيّ عدد أقل من المُسلَّمات) من النظام البدئي.

إذا طبقنا عملية إنشاء كايلي-ديكسون على الكواترنات، نحصل على نظام الأعداد المُسمّى أوكتونات (octonions)؛ هو نظام عددي ثُماني الأبعاد. وهذا يعني أنّه يمكن كتابة أيٍّ من الأوكتونات بثمانية أعداد حقيقية كالآتي:

r1 + r2i + r3j + r4k + r5l + r6m + r7n + r8p

على الرغم من أنّه مُعقّد بعض الشيء، فإنّه من المعروف حساب ناتج جمع الأوكتونات وطرحها وجداءها وتقسيمها. يمكن كتابة كل كواترنيون كنوع خاص من الأوكتونات حيث تكون المُعامِلات الأربعة الأخيرة صفر.

مثل الكواترنات، ليست الأوكتونات مرتبة تمامًا ولا تبادلية، كما ليست تجميعية أيضًا. وبشيءٍ من التفصيل، تمتلك جميع أنظمة الأعداد التي ناقشناها حتّى الآن الخاصية التجميعية؛ ما يعني أنّه بأخذ ثلاثة عناصر: a ، b، وc تكون طريقتا جدائها: a(bc)، و(ab)c متساويتي النتيجة. ومع ذلك، ليست الأوكتونات تجميعية؛ أيّ إذا وُجدَت أوكتونات: o1 و o2 و o3، يكون: o1 (o2o3) ≠ (o1o2) o3.

يمكننا الاستمرار بهذه المضاعفة والحصول على نظام عددي أكبر مؤلّف من 16 بُعد يسمى السيدينات (sedenions). من أجل وصف سيدين، يتعيّن على المرء أن يأتي بستة عشر عدد حقيقي.

إن الأوكتونات نوع خاص من السيدينات؛ تكون مُعامِلاتها الثمانية الأخيرة كلّها صفرية. لكن؛ يتجنب الباحثون السيدينات لأنّهم يخسرون خاصية مهمة؛ في حين يمكن للمرء أن يضيف السيدينات ويطرحها، ويضربها، لا توجد طريقة لتقسيمها بشكل جيد.

يظن معظم علماء الفيزياء أنّ هذا خارج نطاق الرياضيات البالية و«العادلة». حتّى إن علماء الرياضيات يجدون صعوبة في التعامل مع السيدينات. يمكن للمرء أن يمضي لصياغة أنظمة أعداد ذات 32 بُعدًا، وأنظمة أعداد ذات 64 بُعدًا،…إلخ.

لكن -عادةً- لا تُناقش لأنّه، حتّى الآن، ليس لها العديد من التطبيقات. سنركز على الأوكتونات. يمكن الاطلاع على مُلخص لجميع أنظمة الأعداد في مخطط فِن (Venn) الآتي:

فلنناقش إمكانية التطبيق العملي لأنظمة الأعداد هذه: تُستخدم الأعداد الحقيقية في كل جانب من جوانب الفيزياء. تُمثَّل جميع الكمّيات والقياسات والأطوال للأجسام أو العمليات الفيزيائية بأعداد حقيقية. 

إلّا أنّ الأعداد المركبة صاغها علماء رياضيات للمساعدة في حل المعادلات (i هو حل المعادلة x2 = -1). بدأ الفيزيائيون باستخدام الأعداد المركبة لبحث الموجات في منتصف القرن التاسع عشر، وفي القرن العشرين، أصبحت الأعداد المركبة أساسية لدراسة ميكانيكا الكم. 

في الوقت الحالي، دور الأعداد المركبة مهم جدًّا في العديد من الفروع المختلفة للفيزياء، كما تَظهر الكواترنات في الفيزياء ولكن دورها ليس أساسيًّا، ونادرًا ما تبرز الأوكتونات والسيدينات والأنظمة العددية الأكبر في أدبيّات الفيزياء.

قوانين الرياضيات التي نكتشفها

إن النظرة المألوفة إلى أنظمة الأعداد هذه هي الاعتقاد بكون الأعداد الحقيقية أساسية، بينما الأعداد المركبة والكواترنات والأوكتونات هي مجموعات غريبة وكبيرة تشغل وقت علماء الرياضيات وبعض الفيزيائيين، لكن يبدو أنّ أنظمة الأعداد الأكبر غير مهمة وأقل إثارة للاهتمام.

لنقلب هذا الرأي رأسًا على عقب؛ فبدلًا من النظر إلى الأعداد الحقيقية بصفتها مجموعة محورية والأوكتونات مجموعة أعداد كبيرة وغريبة، لنتأمل الأوكتونات على أنها نظامُ الأعداد الوحيد وجميع أنظمة الأعداد الأُخرى مجموعاتٌ فرعية خاصة منه.

وأكد ذلك ليوبولد كرونكر (Leopold Kronecker) في قوله: “خلقَ الله الأوكتونات، أمّا كل شيء آخر فهو من صنع البشر“؛ إذ تحتوي الأوكتونات على كلّ الأعداد التي سنحتاجها. وكما ذكرنا آنفًا، يمكننا أن نطبق نفس الحيلة مع السيدينات، وحتّى مع نظام الأعداد ذي الأربعة وستين بُعدًا.

لنستكشف كيفية استخلاص جميع خصائص أنظمة الأعداد التي نعرفها؛ على الرغم من أنّ الجداء في الأوكتونات ليس تجميعيًّا، فإذا أردت إجراء جداءٍ تجميعي، بإمكانك النظر إلى مجموعة فرعية (subset) خاصة من الأوكتونات. 

نستخدم مصطلح مجموعة فرعية (subset) لكننا بحاجة إلى نوع خاص من المجموعات الفرعية التي تخضع لعمليات نظام الأعداد. وتسمى مثل هذه المجموعات: المجموعات الفرعية (subgroups)، أو الحقول الفرعية – “subgroups,” “subfields,” أو الجبر التوزيعي شبه المعياري – “sub-normed-division-algebras.” لذلك؛ إذا اخترت مجموعة فرعية من جميع الأوكتونات ذات الشكل:

r1 + r2i + r3j + r4k + 0l + 0m + 0n + 0p

عندها سيكون الضرب عملية تجميعيّة (مثل الكواترنات)، وإذا نظرت بإمعان إلى جميع الأوكتونات من الشكل:

r1 + r2i + 0j + 0k + 0l + 0m + 0n + 0p

عندها سيكون الضرب عملية تبادلية (مثل الأعداد المركبة)، وإذا اخترت جميع الأوكتونات من الشكل:

r1 + 0i + 0j + 0k + 0l + 0m + 0n + 0p

عندها سيكون لها نظام أعداد مرتب بالكامل، وكل المُسلَّمات التي قد تخطر في بالك يمكن أن تستوفيها موجودةً ضمن مجموعة الأوكتونات.

هذا ليس بغريب؛ فكلّما كان لدينا تنظيم، يمكننا التركيز على مجموعة فرعية من عناصر خاصة تستوفي خصائص مُعيّنة؛ ومثال ذلك هو أيّ مجموعة: يمكننا البحث ضمن عناصر المجموعة واختيار عنصر X بحيث يكون بالنسبة لجميع العناصر Y، لدينا: XY = YX.

هذه المجموعة الفرعية هي مجموعة تبادلية (abelian group)؛ ويعني هذا حقيقةً مفادها أن في أي مجموعةٍ يوجد مجموعةٌ فرعية تبادلية. إننا ببساطة ننتقي الأجزاء التي تستوفي المُسلَّمة، ونتجاهل تلك التي ليست كذلك. 

ما نحاول إثباته هو أنّه إذا كان لنظامٍ ما تنظيم مُعيَّن، فإنّ مجموعات فرعية خاصة من ذاك النظام ستستوفي مُسلَّمات أكثر ممّا يستوفيه النظام البدئي. إن هذا مشابه لما نقوم بعمله في مجال الفيزياء؛ فلا ننظر إلى جميع الظواهر، بل نختار الظواهر التي تفي بمتطلبات التناظر والتوقعية. 

ففي الرياضيات، نشرح المجموعة الفرعية بالمُسلَّمة التي تصفها. وفي الفيزياء، نصف المجموعة الفرعية المُختارة من الظواهر بأحد قوانين الطبيعة. يمكننا وصف القياس الذي أجريناه، في الشكل الآتي:

لاحظ أنّ الرياضيات المُتّبعة لمجموعة فرعية اختيرت لكي تستوفي مُسلَّمة ما أسهل من الرياضيات المُتّبعة للمجموعة بأكملها؛ هذا لأنّ علماء الرياضيات يعملون بالمُسلَّمات ويبرهنون النظريات ويعدّون النماذج باستخدام المُسلَّمات، وعندما تكون هكذا مُسلَّمات مفقودة، تصبح الرياضيات أكثر تعقيدًا أو استحالة.

باتباع قياسنا، من السهل وصف مجموعة فرعية من الظواهر وفقًا لقانون طبيعي منصوص عليه في الرياضيات. في المقابل، عندما ننظر إلى المجموعة الأكبر من الظواهر، يصعب العثور على قانون طبيعي لوصفها وتصبح الرياضيات أكثر تعقيدًا أو مستحيلة.

العمل في ترادف والمضي قُدُمًا

هناك تشابه مهم بين الفيزياء والرياضيات؛ ففي كِلا المجالين، إذا نظرنا إلى مجموعات فرعية خاصة من النظام بدلًا من النظام بأكمله، فإنّنا نرى المزيد من التنظيم. وفي الفيزياء نختار ظواهر معيّنة (تلك التي لديها نوع من التناظر) ونتجاهل الباقي.

أما في الرياضيات، ننظر إلى مجموعات فرعية مُعيّنة من التنظيمات، ونتجاهل البقية. تعمل هاتان العمليتان الانتقائيتان جنبًا إلى جنب.

وظيفة الفيزياء هي صياغة دالّة رياضية من مجموعة الظواهر الفيزيائية المرصودة إلى التنظيم الرياضي: الظواهر الفيزيائية المرصودة← تنظيم رياضي.

أي علينا أن نعطي تنظيمًا رياضيًّا للعالَم الذي نرصده. مع تقدّم الفيزياء ومحاولتنا لفهم المزيد والمزيد من الظواهر الفيزيائية المرصودة، نحتاج لفئات أكبر وأكبر من الرياضيات. وفيما يخصّ هذه الدالّة، إذا أردنا تكبير مُدخلات الدالة، نحتاج إلى تكبير مُخرجات الدالة.

هناك العديد من الأمثلة على هذا التوسّع في الفيزياء والرياضيات.

عندما بدأ الفيزيائيون العمل بميكانيكا الكم، أدركوا أنّ الأعداد الحقيقية المرتّبة بشكل كُلّي مفرطة في التقييد نسبةً إلى احتياجاتهم؛ إذ احتاجوا إلى نظام عددي به عدد أقل من المُسلَّمات وأسّسوا الأعداد المركبة.

عندما أراد ألبرت آينشتاين وصف النسبية العامة، أدرك أنّ التنظيم الرياضي للفضاء الإقليدي مع مُسلّمته: التسطح (flatness) -لمُسلّمة الخامسة لإقليدس- كانت تقييدية بشدّة، فاحتاج آينشتاين إلى فضاء منحني وغير إقليدي لوصف زمكان النسبية العامة.

في ميكانيكا الكم، من المعروف أنّه بالنسبة لبعض الأنظمة، إذا قمنا أولاً بقياس X ثمَّ Y، سنحصل على نتائج مختلفة عن قياس Y قبل X، ومن أجل وصف هذا الموقف رياضيًا، تحتاج إلى التخلّي عن التبادلية. يتطلّب هذا الوصف فئة أكبر من التنظيمات حيث لا تُفترض التبادلية.

عندما شرع بولتزمان وجيبس بالنقاش عن الميكانيكا الإحصائية، أدركوا أنّ القوانين التي كانوا يخرجون بها لم تعد حتمية. لم تعد نتائج التجارب كما كانت: تحدث (p (X) = 1) أو لا تحدث (p (X) = 0). بدلًا من ذلك، تحتاج بوجود ميكانيكا إحصائية إلى نظرية الاحتمالات: إنّ احتمال وجود نتيجة معينة للتجربة هو احتمال (p (X))، وهو عنصر من المجموعة اللانهائية [0,1] عوضًا عن المجموعة الفرعية المحدودة التقييدية {0,1}).

عندما ناقش العلماء منطق الأحداث الكمومية، أدركوا أنّ المنطق المعتاد، الذي هو توزيعي، تقييدي للغاية. احتاجوا إلى صياغة فئة أكبر من المنطقيات لا تبقى فيها المُسلّمة التوزيعية صحيحة بالضرورة، ويُسمى هذا الآن: المنطق الكمومي (quantum logic).

فَهم بول ديراك (Paul Dirac) هذا التخفيف من المُسلَّمات منذ 85 سنة، عندما كتب ما يلي:

«يتطلب التقدّمُ المستقر للفيزياء -بصياغتها النظرية- رياضياتٍ تتقدم باستمرار، إن هذا أمرٌ طبيعي ومُتوقع. ما لم يكن يتوقعه المشتغلون بالعلم في القرن المنصرم هو الشكل المحدّد الذي سيتّخذه خط التقدم في الرياضيات؛ أيّ إنّه كان من المتوقع أن تُصبح الرياضيات أكثر تعقيدًا، ولكنها سترسو على أساس دائم من المُسلّمات والتعريفات، بينما تطلّبت في الواقع تطوّرات الفيزياء الحديثة: رياضيات تحوِّل جوهرها باستمرار وتصبح أكثر تجريدًا.

كان كل من الهندسة غير الإقليدية – Non-Euclidean geometry  والجبر غير التبادلي – noncommutative algebra، يُعدَّان في وقت من الأوقات تخيّلات بحتة للعقل وتسلية للمفكرين بالمنطق، لكن الآن؛ باتا ضروريان جدًّا لوصف الحقائق العامة للعالم الفيزيائي.

من المرجح أن تستمر عملية التجريد المتزايد (increasing abstraction) في المستقبل، ويرتبط التقدم في الفيزياء بالتعديل المستمر والتعميم للمُسلَّمات على أساس الرياضيات بدلاً من التطوير المنطقي لأيّ مخطط رياضي على أساس ثابت.»

مع تقدم الفيزياء، وإدراكنا للمزيد والمزيد من الظواهر الفيزيائية، هناك حاجة إلى أنماط أوسع وأكبر من بِنى الرياضيات ونحصل عليها من خلال الاطلاع على عدد أقل من المُسلَّمات.

يدعو ديراك تلك التراكيب الرياضية مع عدد أقل من المُسلَّمات: التجريد المتزايد (increasing abstraction)  وتعميمات المُسلَّمات (generalisations of the axioms). ما من شك في أنه لو كان ديراك على قيد الحياة الآن، سيتحدث عن ظهور الأوكتونات وحتى السيدينات ضمن أنظمة الأعداد المطلوبة.

من أجل وصف المزيد من الظواهر، سنحتاج إلى مستويات أكبر من بِنى الرياضيات، وبالتالي إلى عدد أقل من المُسلَّمات. ما هو الاستنتاج المنطقي لهذا التوجّه؟ إلى أي مدى يمكنه أن يصل؟ تريد الفيزياء وصف المزيد والمزيد من الظواهر في كوننا. 

فلنقل أنّنا كنّا مهتمّين بوصف كل الظواهر في كوننا؛ ما نمط الرياضيات التي كنّا سنحتاجها؟ كم عدد المُسلَّمات التي ستكون مطلوبة لكي يصف بُنيان الرياضيات جميع الظواهر؟ بالطبع؛ من الصعب أن نتوقع، ولكن من الأصعب أكثر ألّا نتوقع.

أحد الاستنتاجات المُحتملة هو أنّه إذا نظرنا إلى الكون بإجمال ولم نُشمل أي مجموعة فرعية من الظواهر، فلن تحوي الرياضيات التي سنحتاجها مُسلَّماتٍ على الإطلاق؛ أيّ إنّ الكون بمجمله خالٍ من التنظيم، ولا يحتاج إلى أيّ مُسلّمات لوصفه… فوضى كُليّة! 

الرياضيات هي مجرد مجموعات بسيطة بدون تنظيم، وهذا من شأنه أن يقضي نهائيًّا على كلّ الميتافيزيقا عند التعامل مع قوانين الطبيعة وبِنى الرياضيات، إنّها فقط الطريقة التي ننظر بها إلى الكون، التي تنقل لنا وَهْم التنظيم.

وفق هذا المنظور للفيزياء؛ نصل إلى أسئلة أكثر عمقًا؛ هذه هي المشاريع المستقبلية للعلم. إذا كان التنظيم الذي نراه وهميًّا ويحدث بسبب الطريقة التي ننظر بها إلى ظواهر معينة، لماذا نرى هذا الوهم؟

فبدلاً من النظر إلى قوانين الطبيعة التي صاغها العلماء، علينا أن ننظر إلى العلماء وطريقتهم التي ينتقون بها قوانين الطبيعة (والمجموعات الفرعية من الظواهر وما يصاحبها).

ما الذي يميّزنا نحن البشر ويجعلنا جيدين جدًّا في الاصطفاء؟ عوضًا عن النظر إلى الكون، علينا أن ننظر إلى الطريقة التي ننظر بها إلى الكون.

المصدر: nuatil.us

  • ترجمة: رولان جعفر.
  • مراجعة: نور عبدو.
  • تدقيق لغوي: نور عبدو.

بواسطة رولان جعفر

تعليق واحد

ضع تعليقك
  1. شكرا لكم على الترجمة الرائعة للمقال .
    فعلا دائما ما يتبادر إلى ذهني أن هذا النظام الكوني ما هو إلا رأس الدبوس و الباقي عبارة عن خواء لانظامي .
    هناك تعقيد في فهم الكل مع أننا بدأنا للتو في فهم بعض الأساسيات . العقل البشري يخاف جدا من المجهول و من اللانظام لذلك فهو يخلق و يبدع في ترييض ما حوله .

    شكرا لكم على المجهود الجبار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

فعالية كبيرة مضادة للجراثيم لبلازما التمساح السيامي

عائلتنا الكبيرة: قصة الرئيسيات #3