ينشأ هذا النوعُ الجديد من الترابط الكيميائي في وجود مجالاتٍ مغناطيسية شديدة القوّة، مثل تلك المجالات المُتواجدة حول نجوم “الأقزام البيضاء “white dwarfs stars عالية الكثافة، والتي تصلُ قوّةُ مجالها المغناطيسي إلى 100.000 تسلا –أكبر 10 بلايين مرةً من المجال المغناطيسي للأرض- وطبقاً لما يُعرف بـ “مبدأ باولي Pauli للاستبعاد” والذي يقول بأنه لا يُمكن لإلكترونين مُطلقاً التواجد معاً في نفس الحالة الكمّية؛ فإنه في الظروف الأرضيّة الطبيعية يتواجد كل إلكترون في محور (دوران مغزلي) مُخالف للإلكترون المُجاور له في المدار.
ولكن تحت تأثير المجال المغناطيسي شديد الكثافة للقزم الأبيض، يتداخل محور الإلكترون مع المجال الخارجي سالكاً بذلك فعلاً مُشابهاً للمغناطيس. ونتيجة لهذا، تصطفُّ محاورُ كلا الإلكترونين مع المجال الخارجي، مُجبرةً أحدَ الإلكترونين على التحرُّكِ في وضعٍ مُختلف يُعرف بـ “المدار الجُزيئي المُضاد للترابط”. يقولُ الباحثون أنَّ هذا الترابط يمثّلُ نوعاً جديداً من الروابط الكيميائية لاستحالة وجوده في الظّروف الأرضيّة الطّبيعيّة. فلو اتّفق واشترك الالكترونان المكوّنان لإحدى الرّوابط الكيميائيّة الأرضيّة المعروفة (الأيونيّة-التّساهميّة) في نفس الحالة الكمّيّة، لفقدت الذّرّات ترابطها ببعضها البعض حتماً، مؤدّية بذلك إلى انهيار الجزيء بأكمله. لذلك، أُطلق على هذا التّرابط اسم “الترابط البارامغناطيسي العمودي”.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن تحقيق هذا الترابط الكيميائي عملياً على الأرض، إلّا أنَّ هذا الاكتشاف سيساعدُ في تعزيز معرفتنا بالأجسام الفلكيّة مثل الأقزام البيضاء، وإمدادِنا بتفسيراتٍ أكثر دقةً لأطيافها المرئيّة وما يحدثُ في أغلفتها الجويّة.
- ترجمة: سارة تركي.
- مراجعة: طه ياسين بن ابراهيم.