ولد أدوين هابل عام 1889 وهو يُعرف بأبي علومِ الفضاء الحديثة، حيث قام باكتشافاتٍ هامّةٍ غيّر من خلالها نظرة العلماء للكون.
بدأ حياته المهنيّة كمحامي، ولكنّه عاد للجامعة مرّةً أُخرى بعد عدّة سنواتٍ للحصولِ على الدكتوراه في علومِ الفلكِ، وبعد التخرّج، تمّت دعوة هابل للعمل في مركزِ ماونت ويلسون للمراقبة في كاليفونيا، ولكن تأخّر في قبول الدعوة لأنّه كان جُنديّاً أثناء الحرب العالمية الأولى.
بعد عودتهِ للحياة المدنية، أخذ موقعاً في مركز المراقبة، حيث أتيحت لهُ الفرصة للعمل مع أكبر تلسكوبٍ في العالم، ثم ترك المرصد في عام 1942 مرّةً أخرى، لتأديته للخدمة كجنديّ في الحربِ العالميةِ الثانيّة، وتوفيّ في عام 1953 بعمر (63).
قام بالإشراف على بناء التلسكوب ذو (200 إينش) في جبل بالومار، الذي سوف يكون أكبر تلسكوبٍ في العالم حتى بناء الروسيّ (bta6) في عام 1976.
في عشرينات القرن الماضي، كانت تُسمّى البقعُ الصغيرة المنتشرة في السماء بـ “الأسدمة”، وكان يُعتقد أنّها موجودة ضمن مجرّة درب التبّانة، ولكن حينما قام هابل بمراجعة الصور، لاحظ من خلال ذلك وجود نجمٍ متذبذبٍ يُسمّى “متغيّر قيفاوي” (متحول) في كلٍّ منها، وهذه النجوم متميّزة، لأنّ تَذبذُبها يسمح بالقيام بقياساتٍ دقيقةٍ للمسافة.
قام هابل بحساب بُعد كلٍّ من هذه النجوم، واستنتج أنّها بعيدة جداً لتكون في درب التبّانة، فاستنتج الفلكيّون أنّ هذه الأسدمة هي في الواقعِ مجرّاتٍ مثل درب التبّانة كلٌّ منها يحتوي على مليارات النجوم، حيث تمّ النظر للكون سابقاً كـ”درب التبّانة” وحسب، ولكنّه في ما بعد توسّع جداً في عيونِ الفلكيين.
في نفس الوقت، قام هابل بنشر نظام تصنيفٍ مُوحَّدٍ لاستخدامه مع المجرّات، إذ أنّه وفي ذلك الوقت كان هنالك نظام سابق، ولكنّه كان غير كافٍ.
طريقة هابل في التصنيف كانت تركّز على ثلاث أنواعٍ من المجرّات أهليلجيّة الشكل وهي:
(الدوّامة واللولبيّة والغير منتظمة).
خلال دراسة هابل للمجرّات المختلفة، كان بإمكانه ملاحظة أنّ هذه المجرّات غير ثابتة في الفضاء، ولكن يبدو أنّها تتحرك بعيداً عن الأرض “على عكس أندروميدا التي تتحرك باتجاهنا وسوف تصطدم بمجرّة درب التبّانة بعد 5 مليارات سنة”، عندها أسرع الفلكيون لاختبار حساباته على مجرّاتٍ أخرى، فلاحظوا أنّ بعضها يتحرك بسرعة 90 مليون ميل في الساعة (40 ألف كيلومتر في الثانية) مبتعدة عنّا.
الحسابات التي استُخدمت لسحاب معدّل توسّع الكون تعرف بـ “قانون هابل“، وطبقاً لهذه الحسابات يتوسّع الكون بمعدّلٍ ثابتٍ يُعرف بـ “ثابت هابل“، وكانت نظريّة النسبيّة العامّة قبل ذلك بعشرِ سنين، قد تنبّأت بالكون المتوسّع، ولكنّ أينشتاين اعتبر ذلك مخالفاً للدلائل في زمنه، ولكن بمساعدة هابل تأكّد أينشتاين من نتائجهِ.
بالرغم من أنّ هابل معروف بهذه الإنجازات، لكنّه قام أيضاً بالكثير من الإنجازات الأخرى في مجال الفلك وفاز بالعديد من الجوائز، ولكنّه لم يتلقى جائزة نوبل بالرغم من دوره الكبير في تطوير فهمنا الحالي للكون، لأنّه في وقتها، كانت جائزة نوبل في الفيزياء لا تميّز علم الفلك.
قضى هابل الكثير من الوقت في أواخر حياته المهنيّة محاولاً وضع اعتبار لعلم الفلك كأحد العلوم الفيزيائيّة، وقد قام بذلك كي يتمّ تمييزه هو وباقي الفلكيين عموماً من قِبل لجنة جائزة نوبل لإنجازاتهم في مجال الفضاء، لم يحدث ذلك أثناء حياة هابل، ولكن بعد ذلك بقليل، قرّرت لجنة جائزة نوبل اعتبار انجازات علم الفلك تؤهّل إلى جائزة نوبل، ولكن للأسف حدث ذلك بعد وفاته والجائزة لا تقدم للمتوفين.
في عام 1990، أي بعد 101 سنة من وفاة هابل، أطلقت ناسا (تلكسوب هابل) الفضائيّ لوضعه في مدارٍ حول الأرض، التلسكوب المُسمّى باسم هابل قدم الكثير من المعلومات حول الكون ومئات آلاف الصور للعلماء على الأرض، وسمح بإعطاء تقريبٍ أدقّ لعمرِ الكون، وأظهر المجرّات في جميع أصقاع الكون، ولعب دوراً جوهرياً في اكتشاف المادّة المظلمة (القوّة التي تدفع الكون للتوسّع).
من أقوال هابل:
“من خلال حواسّه الخمسة، يكتشف الإنسان الكون من حوله ويسمّي هذه المغامرة بالعلم”
- إعداد: حكم الزعبي.
- مراجعة: جعفر يوسف.
- تدقيق لغوي: مرتضى نحلاوي.