كلمة “Geothermal” في الأصل هي عبارة عن مجموع الكلمتين اليونانيتين “Geo” التي تعني الأرض و “Therme” التي تعني حرارة، أما الكلمة ككل فتعني الحرارة المتولّدة من الأرض، وتكمن هذه الحرارة في الينابيع الحارة والمياه الجوفية التي تتكوّن نتيجة تسرُّب مياه المحيطات والأمطار والثلوج المذابة خلال الشقوق والتصدعات الموجودة في القشرة الأرضية.
قد تصل المياه لأعماقٍ سحيقة فتكتسب الحرارة أثناء مرورها بالقرب من “الماغما Magma” * التي توجد في المناطق النشطة بركانياً أو عند مرورها بطبقاتٍ ساخنة؛ مما يجعل المياه شديدة السخونة فتعود منبثقةً لأعلى بسبب الضغط العالي على هيئة ينابيع حارة. في حالاتٍ أخرى، يتم احتجاز هذه المياه في فراغاتٍ جوفية وتكون غير قادرة على النفاذ للسطح فتُشكّل خزانات مياه أو بخار حارّة.
صورة تُوضّح كيفيّة تشكّل خزانات المياه الحارّة الأرضية:

يتم استخدام الطاقة الحرارية بطريقتين:
أ- الاستخدام المباشر:
تستمد الأعماق الجيولوجية للأرض حرارتها من الشمس، ويتمّ تخزينها في الطبقة السطحية في أعماقٍ تتراوح بين 10 إلى بضعة مئاتٍ من الأقدام، تكون هذه الحرارة معتدلة عند (33-94) درجة مئوية تقريباً، وتُستخدم بشكلٍ مباشرٍ في تدفئة وتبريد المنازل، تحضير الطعام، الزراعة، الصناعة، إذابة الثلوج، تربية الأحياء المائية واستخدام الينابيع الحارة للاستحمام أو كمنتجعاتٍ سياحية.
ب- الاستخدام غير المباشر:
تستمد الأرض حرارتها من مركزها أيضاً، حيث يشعّ مركز الأرض (نواة الأرض) الحرارة منذ نشوء الكوكب، أي منذ 4.5 مليار سنة بفعل النشاط الإشعاعي الطبيعي للعناصر، يوجد هذا المركز على عمق 6437.4 كم من السطح، وتبلغ حرارته 5500 درجةً مئوية والتي تعادل درجة حرارة الشمس، تزداد درجات الحرارة كلما ازداد العمق نتيجةً لانتشار الحرارة من نواة الأرض، حيث تكون مرتفعةً في المناطق القريبة منها.
صورة توضّح درجات الحرارة لطبقات الأرض المختلفة:

تُستخدم هذه الحرارة في محطات توليد الكهرباء عن طريق إحدى التصاميم الثلاث الرئيسية:
1- محطات البخار الجاف: تعدّ من أبسط التصاميم، حيث تستخدم هذه المحطات البخار الموجود طبيعياً في باطن الأرض بشكلٍ مباشرٍ عن طريق حفر الآبار، يتمّ سحب بخار الماء ذي الضغط العالي من بئر الإنتاج لأعلى، ويُستخدم لإدارة التوربين الذي يحرك بدوره المولد الكهربائي ويُنتج الطاقة الكهربائية، يفقد البخار حرارته أثناء تحريكه لريَش التوربين ثم يتكاثف لماءٍ تتم إعادته لبئر الحقن للحفاظ على المخزون المائي، تكتسب مياه الحقن الحرارة لاحقاً من نواة الأرض بواسطة التوصيل الحراري، وهكذا تُستخدم مرةً أخرى.
2- محطات التبخير الفجائي: تستخدم هذه المحطات الماء الساخن الموجود طبيعياً في باطن الأرض ويتم تبخيره فجائياً ثم استخدامه لإدارة التوربين وتوليد الكهرباء، يُعاد الماء المتكاثف لبئر الحقن.
3- محطات الحلقة الثنائية: يتم استخدام الماء الساخن الموجود طبيعياً في باطن الأرض لتسخين سائلٍ آخر ذي درجة غليان أقل من الماء، مثل: الآيزوبيوتان، يُمرّر السائلان لمبادلٍ حراري حيث يحدث انتقال للحرارة، فيبرد الماء ويعاد لبئر الحقن ويتحول السائل لبخارٍ يعمل على إدارة التوربين وتوليد الكهرباء، يتكاثف السائل عند التوربين ويعاد للمبادل لتسخينه ثانية وهكذا.
صورة توضح التصاميم الثلاث الأساسية:

مزايا الطاقة المتولّدة عن الحرارة المختزنة في الأرض:
1. تستخدم لتوفير الحرارة والكهرباء.
2. طاقة نظيفة وغير ملوِّثة للبيئة؛ حيث لا تصدر عنها أي انبعاثات أو تكون في بعض الأحيان ذات انبعاثات قليلة.
3. مصدر طبيعي ومتوفر؛ حيث أنّ التدفق المستمر للحرارة من باطن الأرض يضمن طاقةً غير محدودة لمليارات السنين القادمة.
4. تتواجد في مناطق عديدة من العالم ليتم استغلالها في تطبيقات مختلفة.
5. البخار المستخدم في توليد الكهرباء يتم تكثيفه وإعادته للأرض مرة أخرى.
6. استخدام الطاقة بشكلٍ مباشر وفعّال أكثر بنسبة 70% من الاستخدام غير المباشر.
7. تكون تكلفة التشغيل قليلة حالما يتم انشاء محطة توليد الطاقة، وهو ما يجعل تكلفة توليد الكهرباء أقل.
8. تستخدم المضخات الحرارية للتسخين والتبريد في كل مكانٍ تقريباً.
9. في معظم الحالات يكون الماء الساخن حراً حيث يسهل استخراجه.
العيوب:
1. يتطلّب حفر الآبار العمودية الوصول لأعماقٍ سحيقة أسفل سطح الأرض، مما يعني ارتفاع تكلفة إقامة محطات توليد الكهرباء.
2. قد تُشكّل عملية الحفر وسحب المياه المتكررة في بعض المناطق خللاً في استقرار الأرض، مما يؤدي لحدوث الاهتزازات الأرضية، لكنّ ذلك يُعدّ نادراً.
3. حدوث تآكل للرواسب المعدنية المستخرجة من باطن الأرض؛ بسبب وجود المياه وتعرّضها للهواء عند خروجها للسطح لاحقاً.
4. احتماليّة نفاذ بخار الماء وصعوبة وجوده في المواقع التي تنخفض فيها درجات الحرارة.
5. الحاجة لاستبدال وتغيير الأنابيب القديمة بأخرى جديدة بعد مرور بضع سنوات.
6. تعد طاقة متجددة فقط إذا كان معدل استخراج الماء أو البخار أقل من معدل إعادته للأرض ثانية.
تعد هذه الطاقة إحدى مصادر الطاقة المتجددة وغير المحدودة، بسبب اعتمادها على الحرارة الطبيعية المتوفرة بشكلٍ هائل والمخزنة في أعماق الأرض، حيث وُجد أن الحرارة الموجودة على عمق 10,000 متراً تُمثّل طاقةً أكبر 50,000 مرة من مجموع طاقات البترول والغاز الطبيعي في العالم، كما قدّر العلماء أنّ 42 مليون ميغا واط هو مقدار الطاقة الناتجة بالتوصيل الحراري من باطن الأرض.
المصطلحات:
*الماغما: هي عبارة عن صخورٍ منصهرة حارّة تمت إذابتها بفعل درجات الحرارة العالية، وتوجد أسفل القشرة الأرضية. عندما تتدفق هذه الماغما على السطح عند فوهة البركان تسمى “لافا”. وتفقد الماغما حرارتها وتبرد عند اقترابها من سطح الأرض مُشكّلةً غطاءً صلباً. *التبخير الفجائي: هو تبخير جزئي يحدث نتيجةً لانخفاض الضغط بشكلٍ مفاجئ بعد وصول السائل لدرجة الغليان.
- إعداد: هبه حمد .
- مراجعة: سومر شاهين .
- تدقيق لغوي: مروى بوسطه جي.