in

انتقال الحرارة #1: نبذة وتعريف

لطالما كانت الحرارة وتطبيقاتها واحدةً من أهم المُعضلات التي احتاجَ الإنسانُ لإيجادِ حُلولٍ إبداعيّة ومُبتكرة لها.

مِن العزل الحراري للبيوت، إلى استخدامِ المُبادلاتِ الحرارية في السيّارة، كُلُّها تطبيقاتٌ هندسيّة تمّ تطويرُها وتنقيحها على مرِّ السنين لتَصِلَ إلى ما وصلت عليه، ولِتُساهِمَ في رفعةِ الإنسانِ ورفاهيّته. ومعَ أهميّة هذا الموضوع، نستعرضُ لكم في هذه السلسلة تعريفًا عامًّا عن طُرُقِ انتقالِ الحرارة، تطبيقاتِها، وُوجودها طبيعيًّا وصناعيًا، ثُمَّ سنشرحُ الطُّرُقَ مُنفصلةً وبإسهاب.

تَنتقلُ الحرارةُ في الطبيعة بثلاثةِ طُرُق، وسَنُعطي نبذةً مُختصرةً عن كُلٍّ منها:

أولًا: الانتقال بالتوصيل – Conduction

وهي الطريقةُ التي تنتقلُ بِها الحرارة من جسمٍ إلى آخر، أو في داخلِ الجسمِ الصلب. ومِن اسمها “توصيل“، تَحتاجُ هذه الطريقة إلى تلامُسٍ مُباشر بينَ ذرّاتِ المادة، وذلكَ لأنّ الحرارةَ تَنتَقل نتيجةً لاهتزازِ الذّرات مُؤثّرةً على جاراتِها وناقلةً للحرارةِ عَبرَ الوسط. يعتمدُ الانتقالُ بالتوصيل على عِدّةِ عوامِل، وهي ما سَنَشرحهُ في المقال القادِم بالتفصيل.

اهتزازُ الذّرّات المُكتسبة للحرارة يؤدّي إلى نقلِها عبرَ الذرّاتِ المُجاورة

ثانيًا: الانتقال بالحَمْل الحراري – Convection

وهيَ الطريقةُ الأكثرُ شُهرةً في تَصميمِ مُعظمِ أنظمةِ التبريد للمُحرّكات والمصانِع والسيّارات، وذلك لفعاليّتها الجيّدة، واستدامتها العالية. حيثُ تعتمدُ هذه الطريقة على انتقالِ الحرارة من الجسمِ بوجودِ مائعٍ مُتحرّكٍ مُلامسٍ أو مُحيطٍ بهذا الجسم، ومِن أكبرِ الأمثلةِ عليها هو عمليّة انتقال الحرارة من جسمِ الإنسانِ إلى الهواء المُحيط بِه، ويَشعُرُ الإنسانُ ببرودةٍ أكثر عِندَ زيادةِ سُرعةِ المائِع من حولِه. تَعتَمِدُ هذه الطريقة على عِدةِ عوامل أيضًا، تختلِفُ عن التوصيل، وشبيهةٌ بالإشعاع.


مُبادلٌ حراريّ يعملُ من خلالِ حركةِ موائِعٍ بدرجة حرارةٍ مُختلفة، لِتنتقلَ الحرارة من الأعلى إلى الأقل

ثالثًا: الانتقال بالإشعاع – Radiation

الطريقةُ الأكثرَ انتشارًا في الكون، بِما أنّ الطريقتينِ السابقتين تحتاجانِ إلى وجودِ وسطٍ لنقلِ الحرارة (صلب أو مائع)، فَهُما محدودَتان على كوكَبِ الأرض، ورُبما على كواكِبَ أُخرى ذات خصائص مشابهة لكوكَبنا. أمّا الانتقال بالإشعاع، فيحتاجُ إلى عدمِ وجودِ وسطٍ ليكونَ في أفضلِ حالاتِه، وأقربُ مِثالٍ على الانتقالِ الإشعاعيّ هو أشعّةُ الشمس، وانتقالها عبرَ الفضاءِ إلى الأرض.

بحسبِ المبدأ الصفري للديناميكا الحراريّة، فإنّ الأجسام لا يُمكنُ أن تصلَ إلى درجة الصفر المُطلق (صفر كلفن)، وأيُّ جسمٍ مهما كانت حرارتُه فوقَ هذه الحرارة سَيُشعُّ طاقةً، ناتجة عن اكتسابِ إلكتروناتِ ذرّاتِه طاقةً حراريّة مؤدّيةً إلى اهتزازِها وإطلاقِها أمواجًا، تُسمّى بالأمواجِ الكهرومغناطيسيّة.

سنتحدَّثُ في المقالات القادمة بإسهابٍ عن كُل طريقةٍ، على ماذا تعتمد، وكيفَ تمّ تحسينُ وتسخيرُ كُلٍّ منها لخدمةِ الإنسان.


صورة للإشعاع

Source: Fundamentals of heat and mass transfer By theodore bergman, adrienne lavine, frank incropera and david dewitt.


  • إعداد: محمد يامين.
  • تدقيق لغوي: يسري رجب.

بواسطة محمد يامين

تعليق واحد

ضع تعليقك

One Ping

  1. Pingback:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

كيف يحافظ شعب الإسكيمو على دفئه في بيوت من الثلج؟

أدلة تفيد بأن أبوبريص المرقط قادر على تجديد خلايا دماغه!