يشير مصطلح الناعور (الهيموفيليا) إلى مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تسبب حدوث نزف غير طبيعي. ويحدث النزف بسبب النقص الشديد الحاصل في نمط من البروتينات الموجودة في بلازما الدم والتي تساعد على حدوث عملية التخثر.
وتتراوح أعراض الناعور ما بين النزف المتزايد بعد التعرض للرضوض أو الجروح أو الخضوع للعمليات الجراحية، لتصل إلى النزف المفاجئ العفوي (دون سبب ظاهر). وللناعور نمطان هما:
- النمط A: يدعى أيضاً الناعور الكلاسيكي (النمطي)، وهو النمط الأشيع حيث يوجد عند حوالي 80% من الأشخاص المصابين.
- النمط B: يدعى أيضاً داء كريسماس Christmas Disease، وهو أقل شيوعاً حيث يوجد عند حوالي 20% من المصابين.
الناعور من النمط A:
ينتج هذا النمط عن النقص الكبير في كمية أحد بروتينات البلازما التي تساعد على التخثر، والذي يدعى بالعامل الثامن Factor VIII، وكلما كان النقص الحاصل أكبر، ازدادت شدة الأعراض، ويصنف الناعور وفقاً لذلك إلى:
1ــ ناعور خفيف: يكون مستوى العامل الثامن مساوياً لـ 5 – 40 % من المستوى الطبيعي في الجسم.
2ــ ناعور متوسط: يكون مستوى العامل الثامن مساوياً لـ 1 – 5 % من المستوى الطبيعي في الجسم.
3ــ ناعور شديد: يكون مستوى العامل الثامن أقل من 1% من المستوى الطبيعي في الجسم.
ويشار إلى أن معظم الأشخاص يبدون أعراض الإصابة المتوسطة أو الشديدة.
الناعور من النمط B:
ينتج هذا النمط عن النقص الكبير في كمية أحد بروتينات البلازما التي تساعد على التخثر، والذي يدعى بالعامل التاسع Factor IX، وكلما كان النقص الحاصل أكبر، ازدادت شدة الأعراض، وكما هو الحال في الناعور A، يمكن أن يكون الناعور B خفيفاً، أو متوسطاً (معتدلاً)، أو شديداً.
كيف ندرك وجود هذا المرض؟
في حال عدم وجود قصة عائلية للإصابة بالناعور، فليس من الضروري فحص المواليد بحثاً عنه. أما في حال وجود مثل تلك القصة، فيمكن إجراء اختبارات نوعية على عينة دموية مأخوذة من الحبل السري كي نعرف ما إذا كان الوليد مصاباً بالناعور أم لا. وفي حال رغبة الأسرة، يمكن إجراء هذه الاختبارات حتى قبل أن يولد الطفل. ونميز هنا حالتين:
1ــ في حالة الإصابة بالناعور المتوسط أو الشديد:
لا يلاحظ الأطباء أو مقدمو الرعاية عادة أي علامات على وجود الحالة عند الولادة أو حتى بعد مضي فترة من الوقت بعدها. وقد تتضمن الأعراض عند الأطفال:
• نزف غزير عند الأطفال الذكور بعد عملية الختان Circumcision
• التكدم الشديد أو النزف غير المعتاد عند ظهور الأسنان Teething
• تورم وتكدم المفاصل أو العضلات أثناء تعلم المشي.
• السقوط والارتطام المتكرر
2ــ في حالة الإصابة بالناعور الخفيف:
قد لا يلاحظ المصاب أي أعراض حتى يذهب لتلقي العلاج عند طبيب الأسنان، حيث يلاحظ حدوث نزف غزير، وقد لا يعاني الشخص من أي نزف غير طبيعي إلا عندما يتعرض لحادث أو يخضع لعمل جراحي.
ما هي المشاكل التي يسببها الناعور؟
قد يؤدي النزف الداخلي الناتج عن الناعور إلى حدوث عدة مشاكل صحية، من بينها:
1ــ تشوه المفاصل: قد يعاني المصابون بالناعور الشديد من نزف عفوي في المفاصل، أما الأشخاص المصابون بالحالات الأقل شدة، فقد يعانون من هذا النزيف في حال السقوط أو التعرض لإصابة. وفي حال حدوث النزف المفصلي وعدم معالجته بشكل سريع وملائم، فمن الممكن أن يحدث تشوه في المفصل. قد يسبب النزف المفصلي تندب المفصل، ومع تكرار حدوث النزف، قد يفقد المفصل قابليته للحركة ويصبح أكثر عرضة للنزف. وتعد مفاصل الركبة والكاحل والمرفق أشيع المفاصل تأثراً. بالإضافة إلى ذلك، فقد يسبب النزف داخل عضلات الساق إعاقة شديدة.
2ــ البيلة الدموية: قد يترافق خروج البول مع وجود كمية من الدم، بسبب النزف الحاصل داخل الكليتين.
3ــ مشاكل التنفس: قد تحدث هذه المشاكل نتيجة النزف داخل الحنجرة، وإذا لم تعالج هذه المشكلة بسرعة، فقد يتداخل النزيف مع عملية التنفس لدرجة قد تجعل المريض بحاجة لأن يوضع على منفسة Ventilator ريثما يزول التورم ويتوقف النزف.
4ــ الأذية الدماغية: قد يسبب النزيف في الدماغ ضرراً وإعاقة دائمة فيه، بل وحتى الموت أحياناً. وبالرغم من أن هذا النزف يحدث عادة بسبب الرضوض، إلا أن الحالات الشديدة من الناعور قد تترافق بنزوف في هذه المناطق دون وجود أي إصابة معروفة.
ما هو سبب حدوث مرض الناعور؟
الناعور هو عبارة عن اضطراب وراثي يرتبط بمورثة مشوهة (معيبة) تتوضع على الصبغي الجنسي X. وكما نعلم فالصبغيات عند البشر تكون على شكل أزواج، فالإناث لديهن زوجان من الصبغي X، أما الذكور فلديهم نسخة واحدة من الصبغي X ونسخة واحدة من الصبغي Y.
يطلق على المرأة التي تمتلك نسخة مشوهة من هذه المورثة اسم حاملة Carrier، لأنها تحمل المرض في جيناتها وقد تنقله إلى أبنائها. وفي أغلب الحالات لا تبدي المرأة أي أعراض للإصابة بالناعور. وعندما نتجب المرأة الحاملة للمورثة المشوهة مولوداً ذكراً، يتلقى الابن نسخة واحدة فقط من الصبغي الجنسي X من أمه، لذلك فإن احتمال أن يتلقى النسخة المشوهة من المورثة هو 50% (كما أن احتمال تلقيه للنسخة السليمة هو كذلك 50%). والأطفال الذين يتلقون النسخة المشوهة سوف يصابون بالناعور. وعلى غرار ذلك، فعندما تنجب الأم الحاملة للمورثة المشوهة بنتاً، فإن احتمال تلقي البنت للمورثة المشوهة هو 50% فتصبح البنت هي الأخرى حاملة للمورثة.
الذكور المصابون بالناعور لا ينقلون المرض إلى أبنائهم الذكور، لأن الذكور يرثون الصبغي الجنسي Y فقط من آبائهم. إلا أن الذكور يورثون صبغيهم الجنسي X إلى بناتهم، وبالتالي ينقلون مورثتهم المشوهة إلى كل بناتهم، أي أن جميع بناتهم سوف يصبحن حاملات. أما إذا كان الأب مصاباً بالناعور، والأم حاملة للمورثة المشوهة، فهناك احتمال بأن تصاب البنت بمرض الناعور.
و يمكننا تقفي أثر مرض الناعور في أجيال سابقة من العائلة عند حوالي 70% من الأشخاص المصابين به. بينما لا يذكر إصابة أي شخص في العائلة بمرض الناعور عند حوالي 30% من الأفراد الذين تم حديثاً تشخيص الإصابة عندهم، وفي هذه الحالات يكون السبب هو حدوث طفرة فجائية أو تبدل في إحدى المورثات التي تخبر الجسم كيف يصنع العامل الثامن أو التاسع. والشخص المصاب في هذه الحالة يمكنه أن ينقل المورثة المشوهة إلى أبنائه/ أبنائها.
- إعداد: مناف جاسم.