تمَّ رصد عددٍ ضخمٍ ومفاجئ من النجوم العملاقة في عدَّة مناطق عبر الكون، مِمَّا استوجبَ إلقاء ضوء جديد على كيفية تطوُّر المجرات البعيدة والقريبة.
عدد النجوم في الكون أكثر مما اعتقد العلماء
ففي دراسةٍ جديدة استُخدِم فيها مرصد مصفوفة أتكاما الكبيرة المليمترية وتحت المليمترية – Atacama Large Millimeter/submillimeter Array ALMA في صحراء أتكاما في شمال تشيلي – وهو أضخم تلسكوب راديوي في العالم ويعتمد بشكلٍ أساسيٍّ على رصد الموجات ذات الأطوال الموجية التي تُقَدَّر بالمليمتر وأقل من ذلك – تم اكتشاف نوبات مكثفة من تكوُّن النجوم في أربع مجرات بعيدة غنية بالغاز وذات معدل تكوُّن نجوم عالٍ Starburst galaxies حيث تتكوَّن النجوم فيها بمعدل أسرع بمئة مرة من معدل تكوُّنها في مجرتنا؛ درب التبانة.

ووفقاً لبيانٍ صادرٍ عن المرصد الأوروبي الجنوبي ESO*:
«تنتج النجوم الضخمة في هذه المجرات تدفقاتٍ من الغاز، وتخلق انفجارات المستعرات العظمى (السوبرنوفا) التي تطلق كميات كبيرة من الطاقة والمواد النجمية إلى الفضاء، ويمكنُ أن يكونَ لهذا النوع من التفاعلات تأثيرٌ هامٌّ على المنطقة المحيطة بهذه النجوم».
وباستخدام تقنية جديدة مشابهة للتأريخ بالكربون المشع*، فتَّشَ الباحثون عن توقيعات لأنواع مختلفة من «أول أكسيد الكربون» لتحديد التوزيع الشامل لكتلة النجوم في مجرات الإنفجار النجمي.
وفي حين أنَّ نظائر الأكسجين مرتبطة بالنجوم ذات الحجم الأكبر، فإنَّ نظائر الكربون ترتبط بنجوم أصغر حجمًا وذات كتلة وسطية، حسبما أوضح رئيس فريق البحث والفلكي من جامعة أدنبرة Edinburgh زي يو زانج Zhi – Yu Zhang :
«نظرًا لأنَّ الكربون والأكسجين يتَّحدان لِيُشَكِّلا أول أكسيد الكربون، فإنَّ هذا يعني وجود أول أكسيد الكربون بشكلٍ أكثر تنوعًا في النجوم الكبيرة عنه في النجوم الأصغر».
ومقارنة بالنجوم ذات الكتلة المنخفضة مثل شمسنا، والتي يمكن أن تتألق لمليارات السنين، فإنَّ النجوم الضخمة لها امتداد عمر أقصر بكثير.
وبذلك، فإنَّ فهمَ توزُّع الأنواع المختلفة من النجوم يزوِّدُنا برؤية أقرب عن تكوين وتطور المجرات خلال تاريخ الكون.
وكشفت الدراسة الجديدة عن وجود نسبة أعلى من النجوم الضخمة داخل المجرات ذات معدل تكوُّن النجوم العالي مما كان متوقعًا في السابق. وأضاف الباحثون أنه قد تمَّ العثور على نتائجَ مماثلة وجدت بالقرب منا، في منطقة من مجرة قريبة من مجرة درب التبانة تسمى سحابة ماجلان الكبيرة.
وباستخدام تلسكوب ESO الكبير، اكتشف فريقٌ من الباحثين في جامعة أوكسفورد نجومًا ضخمة بشكل استثنائي في كوكبة أبوسيف 30-Doradus، والتي تشكِّلُ جزءاً من سديم العنكبوت الذئبي Tarantula nebula في سحابة ماجلان الكبرى، وهي المنطقة الأكثر سطوعًا بين مناطق تكوُّن النجوم حول مجرتنا.


وأعلن المؤلِّف المشارِك في الدراسة روب ايفيسون Rob Ivison في بيانٍ له:
«إنَّ النتائجَ التي حصلنا عليها تقودنا إلى التشكيك في فهمنا للتاريخ الكوني. وانطلاقًا من ذلك، فإنَّه يجب علينا إعادة نماذج بناء الفلك في الكون إلى لوحة الرسم، وكذلك التماس الدقة المطلوبة لمواكبة التطور الحاصل».
تفسير بعض المصطلحات:
*(ESO): المرصد الأوروبي الجنوبي ويسمى أحيانًا المنظمة الأوروبية للأبحاث الفلكية في نصف الكرة السماوية الجنوبية، وهو هيئة شكلتها 14 دولة من الدول الأوروبية عام 1962 بغرض البحث الفلكي.
*التأريخ باستخدام الكربون المشع: هو التأريخ عن طريق تقنية الإشعاع بحيث يستخدم اضمحلال الكربون-14 (14C) لتقدير عمر المواد العضوية، مثل الخشب والجلود. وقد اكتُشف هذا التأريخ من قِبَل ويلارد ليبي عام 1949، وهو حاصِل على جائزة نوبل في الكيمياء.
المصادر:
- إعداد: نسرين أبو زيتون .
- مراجعة: محمد علي.
- تدقيق لغوي: هنادي نصرالله.
تعليق واحد
ضع تعليقكOne Ping
Pingback:كم تبلغ سرعة توسّع الكون؟ - الفضائيون