كل عالِمٍ يتمتع بملكة تسمو به عن رتابة العيش ليخرج إلينا باختراع مبتكر، فيه تسهيل للحياة واختصار للوقت ورفاهية للإنسان .. من هنا برز للتكنولوجيا دورٌ فذٌّ في تسريع وتنظيم تناقل العلم وتطبيقاته على أسس هندسية وإلكترونية.
لقد تمكن باحثون من جامعة “ETH Zurich” و “IBM Research Zurich” للأبحاث من صنع بطارية مؤكسدة صغيرة الحجم قادرة على تزويد أجهزة الحواسب الآلية بالكهرباء التي تحتاجها، وأيضًا تبديد جزء كبير من الحرارة الناتجة عن عملها من خلال الدائرة الكهربية ذاتها. وعندما يصبح الأمر فعليًّا بعد فترة وجيزة، سيتم استبدال كل الرقاقات الفردية التي تعمل جميعها لإتمام مهمة واحدة بهذه البطارية المتكاملة، مما سيقدم نتائج أفضل من ناحية توفير المساحة والطاقة، جديرٌ بالذكر أنَّ سُمك البطارية يصل إلى 1.5 ملليمتر فقط.
إن التفاعل الكيميائي الذي يحدث في هذه البطارية ينتج عنه طاقة كبيرة من نوعين من السوائل، والتي يتم ضخها إلى خلية البطارية من الخارج عن طريق دائرة كهربية مغلقة.
هذه البطاريات أصبحت منتشرة على نطاقٍ واسعٍ وتستخدم أساسًا في تطبيقات تخزين الطاقة الثابتة. على سبيل المثال، يمكن دمجها مع التوربينات المولدة للرياح أو مصانع الطاقة الشمسية، والتي تقوم بتخزين الطاقة المولدة هناك بشكل مؤقت لاستخدامها متى تحتاج إلى ذلك. وكما أكد Julian Marschewski طالب الدكتوراة أنه ومجموعته البحثية أول من قاموا بابتكار مثل هذه البطارية، والتي تستطيع القيام بعملين في آنٍ واحد، هما تزويد الجهاز بالطاقة ليعمل وتبريده بعد ذلك.
إنتاج هذه البطارية يصل إلى المستوى القياسي مقارنة بحجمها الصغير، ويمكن تقدير ذلك ب 1.4 واط لكل سنتميتر مكعب من سطحها، حتى إذا قمت بطرح كمية الطاقة المطلوبة لضخ الشوارد السائلة إلى البطارية، فإن كثافة الطاقة الصافية الناتجة لا تزال حوالي 1 واط لكل سنتيمتر مربع.
وكما أظهرت نتائج التجارب، فإن الكهرباء في السوائل قادرة على تبريد رقاقة. حتى أنها قادرة على تبديد كميات الحرارة عدة مرات مقارنة بما تولده البطارية كطاقة كهربائية، والتي تطلق حرارة بينما الرقاقة تعمل.
أصعب أمرٍ واجه العلماء أثناء التصميم كان المحاكاة بين صنع البطارية التي تستطيع أن تزود بالشوارد الكافية لتعمل بكفاءة، وفي الوقت نفسه الحفاظ على قوة الضخ منخفضة قدر الإمكان. فمن المهم جدًّا الحفاظ على المرونة المثالية و التوازن بين الأمرين.
تحدث التفاعلات الكهروكيميائية في البطارية في طبقتين رقيقتين ومساميتين، ويتم فصلهما عن طريق غشاء. قام Marschewski وزملاؤه في البداية باستخدام نظام الطباعة ثلاثية الأبعاد 3D–printing من أجل بناء نظام بوليمر؛ وذلك لضغط الشادر السائل في هذه الطبقة المسامية بكفاءة عالية. وقد ثبت أن الأنسب من مختلف التصاميم التي تم اختبارها أن تكون واحدة من القنوات المتجمعة على شكل إسفين (وَتَد).
وبذلك قدم العلماء دليلًا أوليًّا لبناء بطارية تدفق صغيرة، على الرغم من أن كثافة الطاقة الخاصة ببطارية المايكرو الجديدة عالية للغاية إلا أن الكهرباء المنتجة لا تزال غير كافية تمامًا لتشغيل رقاقة الكمبيوتر، ومن أجل أن يتم استخدام هذه البطارية يجب أن يتم تطويرها أكثر من قبل الشركات المصنعة.
كما أشار العديد إلى أن هذا النهج الجديد المتبع في تصميم البطاريات مثير للاهتمام، حتى أنه يمكن استخدامه في تطبيقات أخرى كالليزر على سبيل المثال، الذي يجب أن يتم تزويده بالطاقة وتبريده، أو الخلايا الشمسية حيث يمكن أن يتم تخزين الكهرباء المنتجة مباشرة في خلية البطارية واستخدامها في وقت لاحق عند الحاجة.
ويمكن للنظام أيضًا الحفاظ على درجة حرارة التشغيل للخلية الشمسية للمستوى المثالي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أيضًا تحسين بطاريات التدفق كبيرة الحجم بالشكل الأمثل عن طريق دفع السائل المُنْحَلّ بالكهرباء من خلال الأقطاب الكهربائية المسامية.
- ترجمة: هانيا شيخ القصابين .
- مراجعة: سارة تركي .
- تدقيق لغوي: خالد زكي .