in

الكوكب الاحمر يزداد سخونة، والعصر الجليدي قارب على الانتهاء

يقول الباحثون أنَّ المريخ يخرج الآن من عصر جليدي، الاكتشاف الذي قد يُلقي الضوء على ماضي ومستقبل المناخ لكوكبي المريخ والأرض على حدٍ سواء.

إنَّ مدار المريخ يخضع بانتظام لتغيرات تؤثر بشكلٍ كبير في مقدار الضوء الذي يصل من الشمس إلى سطح الكوكب، والذي بدوره يمكن أن يغير مناخ الكوكب الأحمر بشكل كبير. وبالمثل تخضع الأرض الى تغيرات مدارية مشابهة تسمى “دورات ميلانكوفيتش” (دورات ميلانكوفيتش هي نظرية تبناها العالم الصربي ميلوتن ميلانكوفيتش عام 1920 والتي فسر من خلالها الاختلاف المناخي على كوكب الأرض نتيجة التغيرات المدارية والتي ترجع الى زاوية ميل محور الأرض بمقدار يتراوح بين 21 الى 23 درجة تقريبا).

النماذج المناخية المريخية السابقة تقترح أنَّ مثل هذه التغيرات المدارية ممكن أن تؤدي إلى عصور جليدية على المريخ، حيث سيغطي الجليد معظم الكوكب، ويقول الباحثون الآن أنَّهم وجدوا أدلة على هذه العصور الجليدية على سطح المريخ.

في حين أنَّ العصور الجليدية على الأرض كانت تتضمن نمواً في حجم القمم الجليدية القطبية، لكن في حالة المريخ فقد اقترحت الأعمال السابقة أنَّ العصور الجليدية المريخية تنطوي على تقلص القمم الجليدية القطبية، وفي الوقت نفسه فإنَّ الأنهار الجليدية على سطح المريخ في خطوط العرض الوسطى بعيداً عن القطبين سوف تنمو، أما خلال الفترات بين العصور الجليدية فإن الجليد يتراكم بسرعة في القطبين، والأنهار الجليدية في خطوط العرض الوسطى تتقلص.

 

يقول المسؤول عن الدراسة و عالم الكواكب إسحق سميث والذي قام بهذا العمل في معهد Southwest Research Institute في بولدر – كولورادو، ويعمل حاليا في معهد علوم الكواكب في توكسون – أريزونا :” إنَّ ميلان المريخ بالنسبة لمداره أكثر من الأرض مما يسمح بتلقي قطبي المريخ لكمية أكبر من ضوء الشمس العمودي أكثر من خطوط العرض الوسطى مُسبِبة أيام صيف طويلة ودرجات حرارة أعلى”.

 

توضح هذه الصورة مقطع عرضي ثنائي الأبعاد للقمم الجليدية في القطب الشمالي للمريخ (كما تمَّت رؤيتها من قبل  Shallow Radar على متن NASA’s Mars Reconnaissance Orbiter)، الطبقة العليا من الجليد بسماكة 100-300 متر تُظهر أدلة على التغير بين عصر جليدي والفترات ما بين العصور الجليدية. (حقوق الصورة: Southwest Research Institute).

رادار المياه الراكدة SHARAD مهمته الاساسية هي البحث عن المياه السائلة أو المتجمدة في لمسافة بعض مئات الأقدام (يصل مداه الى كيلومتر من قشرة المريخ).

وللحصول على أدلة عن ذهاب وإياب العصور الجليدية يقوم العلماء بفحص المعلومات الناتجة عن المسح الراداري لقمم الجليد القطبية في المريخ والمأخوذة من مركبة Mars Reconnaissance Orbiter، حيث ركَّز الباحثون على طبقات الجليد الكثيفة الموجودة في القطب الشمالي للمريخ نظراً لأن الطبقات الجليدية في قمم القطب الجنوبي أقل كثافة بكثير.

وقد رصد الباحثون إشارات عديدة لظهور عصر جليدي وفترة بينية على القمم الجليدية في القطب الشمالي للمريخ، من أمثلة هذه الإشارات أنَّ العصور الجليدية والفترات البينية (البين جليدية)  تقود إلى تشكل طبقات متتالية رقيقة وسميكة من الجليد على قطبي المريخ، وهذا ما وجده الباحثون في البيانات, وإضافة إلى ذلك، عندما يتآكل الجليد يمكن أن تنتج أحواض جليدية دوامة وسمات أخرى مميزة في الجليد، وجد العلماء أنَّ حركة هذه الأحواض الدوامة يمكن أن تتزايد أحياناً بشكل مفاجئ في الانحدار، أو تعكس اتجاه حركتها أو تُدفَن تماماً، وهذه أدلة على تراكم الجليد وبالتالي على تغيرات في المناخ.

قال إسحق سميث لموقع Space.com: “هناك أدلة على تغيرات مناخية من العصر الجليدي إلى الفترات البينية في كل مكان حول القمم الجليدية”.

واقترح الباحثون أنَّ المريخ قد خرج مؤخراً من عصر جليدي حيث بدأ الجليد يتراجع منذ 370000 سنة مضت، وقدَّر العلماء أنه منذ ذلك الوقت قد تجمَّع حوالي 20900 ميل مكعب (87000 كيلومتر مكعب) من الجليد على قطبي المريخ، وهي كمية كافية لتغطي كامل الكوكب بسماكة قدمين من الجليد (60 سم). وأضاف الباحثون أنَّ معظم هذا الجليد قد تجمع في القطب الشمالي للمريخ.

استخدم العلماء في معهد Southwest Research Institute هذا المنظور الثلاثي الأبعاد للقمم الجليدية القطبية في المريخ، للبحث عن أدلة لتغيرات المناخ، متضمنة الخروج من عصر جليدي حالي. (حقوق الصورة: Courtesy of Fritz Foss and Nathaniel Putzig).

الباحثون اعتبروا أنَّ هذه الاكتشافات قد تساعد على ضبط نماذج المناخ المريخية بشكل دقيق. قال سميث: “إننا ما نزال في المراحل الأولى من فهم ما يحصل حقاً في أنماط الطقس المريخية والدورات الأطول، والرصد للعمليات الحالية التي حصلت مؤخراً يعطينا المزيد من المعلومات”.

أيضاً إنَّ هذه الاكتشافات يمكن أن تساعد على تطوير نماذج المناخ لكوكب الأرض.

يقول سميث: “المريخ وثيق الصلة بالأرض، لأن لديه عمليات مشابهة لتلك التي تحدث على الأرض، والمسماة “دورات ميلانكوفيتش”، حيث يشكل المريخ مختبرات مبسَّطة لاختبار نماذج وسيناريوهات المناخ من دون وجود المحيطات والحياة البيولوجية والتي يمكننا استخدامها فيما بعد لفهم أنظمة الأرض بشكل أفضل”.

وعلى الرغم من أنَّ الباحثين وجدوا أدلة على عصر جليدي ماض على المريخ، فإن سميث أضاف أنهم لم يفهموا بعد بشكل دقيق تصنيف هذه الأحداث.

يقول سميث:” العلماء الآن يريدون اختبار الجزء السفلي من القمم القطبية الشمالية للحصول على أدلة لفترات بينية سابقة والتي نعتقد أنها موجودة”، ويضيف: “نريد أيضاً أن نفهم بشكل أفضل القمة القطبية الجنوبية ونعمل على هذا باستخدام التصوير ثلاثي الأبعاد”.

المصدر:

mars ice age ending

  • ترجمة: جلال حبيب.
  • مراجعة: شادي القصاص.
  • تدقيق لغوي: علاء العقاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سلسلة علماء الفلك -5 فريدريش بيسل

سلسلة علماء الفلك -6 ويليام هاغنز