in

فيزيائيون يرصدون مسارا منحنيا غريبا للضوء في تجربة ثلاثية المنافذ

قام الفيزيائيون بإعادة تجربة الشقّ المزدوج الشهيرة – منذ 200 عام – لكن بطريقة مختلفة، فهذه المرّة نتجت ثلاثة مسارات منحنية تمرّ من خلالها الفوتونات، حيث أنّها تمرّ من الشقّ الأوّل ثم تدور وتمرّ ضمن الثاني، وأحيانًا تلتفّ أيضًا وتمرّ من الثالث، وذلك عند استخدام بُنية ثلاثيّة المنافذ.

والمثير للاهتمام أنّ تأثير هذه المسارات المنحنية في نمط التداخل الكليّ، يشير إلى انحراف واضح للضوء عن مبدأ التراكب الكميّ. يمكن فهم هذا الانحراف كتطبيق غير صحيح لمبدأ التراكب، وما أن يُحسب حساب التداخل الإضافيّ بين المسار المستقيم والمسار المنحني للضوء، فحينها يمكن أن يطبّق مبدأ التراكب بشكل صحيح.

فريق الفيزيائين بقيادة “عمر س.”، “ماغانا لويزا” و”اسرائيل دي ليون” قاموا بنشر التجربة الجديدة في مقال جديد في مجلة “Nature Communications”. يقول “دي ليون” – أحد القائمين على التجربة -: “إنّ تجربتنا هي أوّل مراقبة مخبريّة للمسارات المنحنية للضوء، والمسارات المنحنية عصيّة حقًا على الرصد بسبب احتماليّة حدوثها الضئيلة. اقترح باحثون أنّ هذه المسارات الغريبة يمكن أن توجد، إلا أنّهم فشلوا في رصدها”.

لزيادة احتماليّة حدوث المسارات المنحنية، قام الباحثون بتصميم هيكل ثلاثيّ المنافذ، ودعموا سطحه بالبلازمونات، الذي وصفه العلماء بهيكل مُنتِج للمجالات الكهرومغناطيسيّة القويّة على سطح المادّة، كما أنّ وجود هذه المجالات بين هذه المنافذ يزيد من مساهمة المسارات المنحنية في نمط التداخل الكليّ بما يقارب قيمتين أسيّتين.

ويقول “دي ليون” مكمّلًا: ”نحن قدّمنا تفسيرًا فيزيائيًّا يربط هذه الأنماط المتداخلة بالحقل المغناطيسيّ حول المنافذ، فبإمكان المرء أن يزيد من احتماليّة اتباع الفوتون لمسارٍ منحنٍ بزيادة قوّة المجالات حول المنافذ”.

تجربة الثلاث منافذ واحدة من عدّة تجارب مختلفة عن التجربة الأصليّة ذات الشقّين التي أجراها “توماس يونج” عام 1801م، حيث استخدم العلماء في نُسخٍ مختلفةٍ من التجربة الذرات والإلكترونات والجزيئات بدلًا من الفوتونات.

أحد الأسباب التي تجعل تجربة الشقّين جاذبة للإنتباه، هو أنّها تُظهر حالة التراكب الكميّ. حيث أنّ الجسيمات المختلفة يمكن أن تُنشِئ نمط تداخلٍ يدلّ على أنّ كلّ جسيّم من هذه الجسيمات – عند قذفه نحو الشقّين – يجب أن يعبر المنفذين في نفس الوقت. وهكذا يُعرّف التراكب الكميّ بأنّه إمكانيّة التواجد في مكانين أو حالتين في نفس الوقت.

(مسارات مستقيمة باللون الأخضر، ومسارات منحنية باللون الأحمر والخط المنقّط والمتقطّع، وحيث أنّ الغمامة الحمراء تصوّر الحقل المغناطيسيّ)

حتّى الآن فإنّ النُسخ المختلفة عن التجربة قد أدّت إلى نتائج يمكن وصفها بدقّة بواسطة مبدأ التراكب، وهذا لأنّ فرص وجود المسارات المنحنية ضئيلة في الظروف العاديّة، ومساهمتها في نمط التداخل الكليّ ضئيلة، فتطبيق مبدأ التراكب على هذه الحالات يعطي مقاربة بهامش خطأ قليل جدًا.

إلّا أنّه عندما تصبح مساهمات المسارات المنحنية كبيرة وغير قابلة للإهتمال، يظهر جليًا أنّ نمط التداخل الكليّ لا يَنتج ببساطة عن تراكب دالّة الموجة للفوتونات ضمن مسار مستقيم، لذا فإنّ نمط التداخل لا يمكن وصفه بدقّة بواسطة الشكل العاديّ لمبدأ التراكب.

يتحدّث “ماغنا لويزا” عن الانحراف الظاهريّ عن مبدأ التراكب: “مبدأ التراكب صالح دومًا، ولكنّ الغير صالح هو التطبيق غير الدقيق للمبدأ في الأنظمة ثنائيّة المنافذ أو الثلاثيّة”. ويقول أيضًا: “على مدى القرنين الماضيين افترض العلماء أنّه لا يمكن مراقبة التداخل من خلال إضاءة منفذ واحد في تجربة المنافذ المزدوجة أو الثلاثيّة، لكنّنا وفي تجربتنا قد بيّنا أنّ هذا صحيح فقط عندما تُهمل احتمالية أن تأخذ الفوتونات أنماطُا منحنية. بشكل مفاجئ، تتشكّل هوامش غريبة لنمط التداخل عندما تتداخل فوتونات تأخذ مسارات منحنية مع تلك التي تأخذ مسارات مستقيمة، حتى حينما تتم اضاءة منفذ واحد فقط من المنافذ الثلاث. هذا التأثير غريب لحد ما، حيث أننا نعلم أنّ “توماس يونغ” بتجربته الشهيرة راقب أنماط التداخل فقط عندما أضاء كلًا من الشقّين وليس أحدهما فقط. قد بيّنا أنّ هذا صحيح فقط عندما يتم إهمال المسارات المنحنية”.

بالإضافة لفهم الفيزيائيين لمبدأ التراكب بصورة أفضل كما طُبّق في التجربة، فالنتائج أظهرت خصائص جديدة للضوء يمكن أن يكون لها تطبيقات في المحاكاة الكميّة وغيرها من التكنولوجيا التي تعتمد علي أثر التداخل.

  • ترجمة: أكرم نجيب.
  • مراجعة: حكم الزعبي.
  • تدقيق لغوي: بهاء زايد.

بواسطة الفضائيون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشافٌ صادم: "النياندرتال" الأوروبيين أكلواْ لحوم جنسهم!

هل تملك أجزاء الجسم القدرة على إعادة النمو؟ مستقبل إعادة نمو الأطراف