أدّت عملية غربلة الحُطام في مصنع لإعادة تدوير القوارير البلاستيكية إلى اِكتشاف بكتيريا آكلة للبلاستيك تستطيع تحليل “البولي ايثيلين تيرفثالات” وتعرف اختصاراً بـ PET.حيث أمل الباحثون بعد هذا الاكتشاف بأن يتوصلوا لطريقة جديدة لإعادة تدوير هذا النوع من البلاستيك بتحليله إلى مكوناته الأساسية.
ألياف الـ PET و التي تنتج من النفط الخام ,تُعرف بمقاومتها للرّطوبة مما يجعلها مادة مثالية لتعليب الطعام، وهي موجودة في كل شيء تقريباً من الآنية البلاستيكية وصولاً حتى الملابس. تُشير التقديرات أنّه يتم إنتاج ما يقارب الـ50 مليون طن من هذه البوليميرات حول العالم سنوياً، وقد يصل هذا الرقم إلى 100 مليون طن مع حلول العام 2025. ومع كل ازدياد في طلب المواد وازدياد جبال النفايات في المكبّات ،فإنَّ إعادة تدوير المنتجات المعتمدة بشكل أساسي على ألياف الـ PET سيكون صعباً لا محالة.
لمواجهة هذه المشكلة، أراد السيد Shosuke Yoshida من معهد Kyoto للتكنولوجيا، مع مجموعة من طلاَّبه معرفة ما إذا كانت هذه البكتيريا تعتمد على الـ PET كمصدر للكربون، لكنَّ هذا الأمر سيكون كمن يبحث عن إبرةٍ في كومةِ قشّ.
يخبرنا السيد Yoshida :”لقد جمعنا العديد من العينات البيئية بما في ذلك، الرواسب والتربة والمياه الملوثة ومجاري الصرف الصحي، في ساحة لمصنع إعادة تدوير زجاجات بلاستيكية من نوع الـ PET، في مدينة Sakai , Osaka.”
جَمع الفريق حوالي 250 عيّنة فاسدة من البلاستيك، وزرعوا 1 غرام من كل منها في أنابيب اِختبار مُستخدمين لذلك خلاصة “الخميرة وسولفات الأمونيوم” ومنطقة عازلة من “الفوسفات” بالإضافة إلى وسط مُعدَّل من الخس والبيض.
ومن خلال وضع شريط صغير من البلاستيك بسماكة mm 0.2 في كل وسط، اِستطاع Yoshida البحث عن طريقة تكاثر الميكروبات والتي تَنشط على البوليمير (البلاستيك).
خلال الاختبار، صمدت واحدة من العينات الرسوبية لمدّة 15 يوماً حيث اِستطاع أحد الميكروبات المتكاثرة المتطورة أكل الشريط البلاستيكي محولاً ما يقارب ال 75% من الكربون الموجود به إلى (CO2).
فيما بعد، قام الفريق بعزل البكتيريا التي تقوم بعمليات الاِستقلاب للشريط البلاستيكي والتي سُمّيت بـ Ideonella sakaiensis وهي من مجموعة Gram-negative proteobacteria وحدَّدت هذه البكتيريا بأنَّ أنزيماتها (خمائرها) تُساعدها على عملية هضم البلاستيك.
يقول Yoshida : “لقد تمكنّا من معرفة الحمض النّووي الجيني وقمنا بالبحث عن جينات مشابهة لتكون مشاركة في عملية تحليل الـ PET، وكنَّا متحمّسين لإيجاد جين واحد مشابه يستطيع إجراء عمليات التحليل للـPET.”
بعد العثور على هذا الجين، قام الفريق باِستنساخه وتحديد بروتيناته، حيث وُجدَوا أنَّ أنزيم الـ PETase يقوم بتحليل السلسلة البوليميرية إلى أحادي 2-هيدروكسي حمض التيرفثاليك MHET ولا يتتوقف البكتيريا هنا فحسب.
يشرح السيد Yoshida لنا عن أنزيمٍ آخر وهو الـ MHETase والذي يحلل الـ MHET إلى جزيئات جليكول ايثيلين مفردة (مونيميرات) و حمض الـتيرفثاليك حيث يتم هضم هذه المونيميرات واستقلابها بشكل كامل من قبل هذه البكتيريا لتحصل على الطَّاقة و المكونات الخلوية الأخرى.
خلال عملية تحليل هذا البلاستيك إلى مكوناته الأساسية ،لا تقوم البكتيريا فقط بتخليص البيئة من الـ PET، وإنّما قد تقدّم طريقة لإعادة تدويره.
بالنسبة لـ Yoshida ،مازال الأمل موجوداً حيث يقول :” في عملية إعادة التدوير الكيميائية هذه, فإنَّ الـ PET المتحطم يعاد توليفه من جديد ليكوّن نموذج PET جديد، هذا الأمر سيمكّننا من استبدال هذه العملية بأٌخرى بيئية أكثر. ”
يعتقد رئيس معهد التكنولوجيا الحيوية البيئية في جامعة الموارد الطبيعية وعلوم الحياة في النمسا، السيد Georg Guebit أنَّ هذا البحث قد يحقق فعلاً فُرصاً أفضل للوسائل المعتمدة حالياً حيث يقول :”على عكس وسائل إعادة التدوير الحالية ونتيجة لجودة هذه الأنزيمات المكتشفة فإنه بالإمكان اِستخراج مكونات الـPET الـمُختلِطة مع عناصر بلاستيكية أخرى أو من مواد مركبة.”
- ترجمة: موفّق الحجّار.
- مراجعة: سومر شاهين.
- تدقيق لغوي: رضى جيلاني.