تضم الثدييات mammals نحو 5,000 نوع حيواني، وهي حيوانات فقرية- vertebrates؛ أي تمتلك عمودًا فقريًا- backbones؛ تتميز الثدييات عن الأنواع الفقرية الأخرى بعدد من الخصائص المشتركة التي تتمثل في أنها ذوات دم حار، ويغطي جسمها الشعر أو الفراء، وتتنفس بواسطة الرئتين، وتُغذي صغارها بالحليب.
على الرغم من كل هذا التشابه؛ تتمتع الثدييات بعدد من الاختلافات البيولوجية؛ لعل أحد أبرزها هو كيفية الولادة.
تُصنَّف الحيوانات الثديية وفقًا لطريقة الولادة إلى ثلاثة أصناف، وهي:
1 – الثدييات المشيمية (Placental mammals: Eutherians): أكثر أنواع الثدييات انتشارًا، وتضم الإنسان والسنوريات والكلاب والمجترات والقوارض وحتى الحوت الأزرق الذي يُعدّ أكبر حيوان على الأرض.
المشيمة- placenta؛ قرص سميك غني بالأنسجة الدموية تتصل بجدار الرحم لتساعد الجنين على النمو، وهي ما يُبقي الجنين حيًا في خلال فترة الحمل، وذلك من خلال اتصالها المباشِر مع الدورة الدموية للأم وتنقل الغذاء والأكسجين مباشرةً للجنين عبر الحبل السري- umbilical cord، كما تنقل فضلات الجنين أيضًا.
على الرغم من اختلاف التشكّل المشيمي بشكلٍ كبيرٍ بين أنواع الثدييات المختلفة، إلا أنها تحافظ بدرجة عالية على وظائفها بمثابة مركزٍ للتنفس الجنيني، واستيعاب الغذاء، وإزالة الفضلات، والإشارات الجنينية.
بالنظر إلى هذه المجموعة المتنوعة من المهام، فإنه من المثير للاهتمام كيف يؤدي هذا العضو ذو التنوع المورفولوجي الكبير نفس الوظيفة عبر الأصناف المتباينة على نطاقٍ واسع؛ على سبيل المثال: هناك اختلاف حاسم في المشيمة عبر الأنواع وهو القدرة الغازية؛ تغزو الأنسجة المشيمية البشرية بعمق في أنسجة الأمهات؛ إذ يُعاد تشكّل الشرايين، في حين لا تغزو المشيمات الرحمية الأخرى في الأنسجة، كالخنزير مثلًا.
تقضي الثدييات المشيمية مدةً أطول داخل الرحم مقارنةً مع باقي الثدييات؛ فمثلًا تستمر مدة الحمل لدى الحوت الأزرق عامًا كاملًا، تحافظ المشيمة على حياة الجنين حتى الولادة عندما ينقطع الحبل السري وتنتقل مهام التغذية والإطراح لأجهزة الصغير الهضمية والتنفسية والإطراح والدورة الدموية.
2 – الجرابيات (marsupials): توجد أغلب هذه الحيوانات في أستراليا، وتضم الكنغر والديصور- quoll والكوالا والأوبسوم، وعند الولادة تكون صغار الجرابيات صغيرةً جدًا وضعيفة مما يضطرهم لمواصلة فترة نموهم داخل جراب الأم pounch.
يبلغ وزن صغير الديصور عند الولادة نحو 18 ميللي غرام، وهو أحد أصغر الجرابيات في العالم؛ يتراوح طول صغير الكنغر بين 2 و3 سنتيمتر عند الولادة،
يهبط الصغير من الرحم فالمهبل ثم يصعد نحو الجراب حيث يبقى 6 أشهر تقريبًا في الجراب يرضع الحليب، وبعد مغادرة الجراب يمكن للصغير العودة إلى الجراب للرضاعة؛ يمكن لأنثى الكنغر أن تعتني بأحد صغارها في الرحم مع وجود آخر في الجراب، وعند الظروف القاسية يمكنها إيقاف حملها، وفي هذه الحالة تُنتج نوعين من الحليب أحدهما للوليد الجديد والثاني للصغير الأكبر.
على الرغم من أن الجرابيات من الثدييات؛ ولكن ليس لدى إناثها أثداء؛ فهي تفرز الحليب بواسطة حلمات موجودة داخل الجراب. يُعتبر الحليب الذي توفره الأم بعد الولادة عاملًا أساسيًا في تطور النسل، وعلى عكس الثدييات المشيمية؛ يتغير تكوين هذا الحليب بشكلٍ كبيرٍ مع نمو الفرخ. في جوهرها، تؤدي الغدد الثديية عند الجرابيات العديد من وظائف المشيمة عند الثدييات المشيمية.
وعلينا أن نعلم أن الجرابيات لديها مشيمة في نهاية المطاف؛ لكنها تتطور في مراحل متأخرة من الحمل ومن أنسجة مختلفة عن تلك الموجودة لدى الثدييات المشيمية. وبالتالي، فإن الفرق بين الثدييات المشيمية والجرابيات ليس وجود المشيمية أو عدم وجودها؛ بل الحمل النسبي- relative emphasis الذي تتعرض له والرضاعة لتنشئة النسل من خلال النمو.

توضح الصورة أعلاه إستراتيجيات التكاثر المختلفة للثدييات المشيمية والثدييات الجرابية. في الثدييات المشيمية، تكون الطاقة التي تستثمرها الأم في تربية الصغار متساوية في مرحلتي ما قبل الولادة (عن طريق المشيمة) وبعد الولادة (عن طريق الرضاعة). في الجرابيات، يكون الحمل قصيرًا، وتتشكل المشيمة في وقتٍ متأخر من الحمل، وتكون فترة الرضاعة طويلة).
3 – الكظاميات (أحاديات المسلك) monotremes: وهو النوع الأخير والأكثر غرابةً من ناحية طريقة الولادة، وتضم خمسة أنواع فقط؛ أربعة منها من آكلات النمل الشوكية- echidnas والخامس هو خلد الماء- duck-billed platypus.
لدى أحاديات المسلك فتحة واحدة تستخدمها للتناسل والإطراح ووضع البيوض؛ تتكاثر هذه الثدييات بالبيض بدلًا من الولادة بشكلٍ مشابه للطيور والأسماك، تكون قشرة بيوضها لينة، وعندما تفقس تمتص الصغار الحليب من خلال المسامات الموجودة في أجساد الأمهات إلى حين أن تصبح قادرة على التغذية الذاتية.
على الرغم من وضع البيوض والتكيفات الأخرى التي تشابه اللاثدييات- non-mammals، من مثل الأقدام ذات الغشاء بين الأصابع، والمنقار والنتوءات السامة على أقدام الذكور عند خلد الماء، فإن هذه الحيوانات من الثدييات؛ وذلك لأنها تشارك الصفات المميزة للثدييات وترتبط تطوريًا مع الثدييات الأخرى.
- ترجمة: رأفت فياض.
- مراجعة: ميرا النحلاوي.
- تدقيق لغوي: نور عبدو.