أعلن باحثون من إيطاليا عن تطور جديد في تقنية الاتصالات الكمية الحديثة بين الأقمار الصناعية عالية الارتفاع والمحطات الأرضية، والتي تعمل عالمياً في أنظمة الملاحة ومحطات التحكم الأرضية مع تبادل معلوماتٍ تصل إلى 20000 كم للفوتون الواحد.
باستخدام الأقمار الصناعية العالمية (GNSS) فإن تجربة “مايلستون – Milestone” تُثبت جدوى وأهمية الاتصالات الكمية المؤمنة على الصعيد العالمي، هذا كما أُعلن عنه في الصفحة الرئيسية لجريدة “علوم الكم والتكنولوجيا – Quantum science and technology“.
يوضّح الباحث “چوسيب ألون” من جامعة بادوفا الإيطالية: “تفتح الأقمار الصناعية المعتمدة على التكنولوجيا الكمية آفاقاً جديدة في نواحٍ مختلفة، كتطبيقاتٍ مدنية وعلمية وعسكرية على حدٍ سواء، مثل: الاتصالات، الملاحة، التحكم عن بعد، توقعات الطقس، الاستطلاعات المختلفة للأرض، وعمليات البحث والانقاذ واكتشافات الفضاء والفلك”.
وأتبعَ قائلاً: “إنّ الهدف الأساسي من هذه الأنظمة هو نقل المعلومات والبيانات بأمانٍ من الأقمار الصناعية إلى المحطات الأرضية المختلفة، وإنّ حماية هذه القنوات الضوئية من التجسس أو التلاعب هي عملية شديدة الخطورة بالأخص في التطبيقات العسكرية منها والمدنية”.
إنّ الاتصالات الفضائية المعتمدة على تكنولوجيا الكم بشكل عام تمنح الطريق لضمان تأمين غير مشروط من القمر إلى الأرض أو من الأرض إلى القمر، وحتى بداخل القمر الصناعي نفسه وشبكة نقل البيانات الداخلية فيه، وذلك عن طريق استخدام البروتوكولات المعلوماتية الكمية كـ “Quantum key distribution” أو ما يعرف عالميا بالـ (QKD).
تُظهر نتائج الفريق أول تبادل لبعض الفوتونات على هيئة نبضات بين مركز جيودسيا الفضائي التابع لوكالة الفضاء الإيطالية وبين قمرين مختلفين من مجموعة أقمار جلوناس الروسية (GLONASS).
صرح البروفيسور “باولو فيلوريسي”، وهو باحث من الفريق: “يعتمد تنفيذ تجربتنا على العاكسات التلقائية غير المتفاعلة التي زُودت الأقمار بها، ومن خلال قدرتنا على حساب نسبة الفقد الحقيقي ونسبة الضوضاء التي تحدث خلال نقل الإشارات داخل هذه القنوات، نستطيع استنتاج الخصائص والصفات التي تظهر في الإشارة لكلٍ من الباعث ومستقبل الإشارة”.
وأتبعَ: “تثبت دراستنا إمكانية استخدام الاتصالات الكمية في الأقمار الصناعية الملاحية بكل تأكيد، مع الحفاظ على نسبةٍ مقبولة على جودة الإشارة من التشويش عليها من الضوضاء بجميع أشكالها، فعملنا هنا يتخطى حاجز المسافة القصوى لتبادل الفوتونات القياسي السابق؛ فأكبر مسافة تم نقلها بنجاح لفوتون واحد كانت 7000 كم وكانت في تجربة تمت عام 2016م عن طريق أحد الأقمار متوسطة الارتفاع عن الأرض”.
وبالرغم من المتطلبات الكبيرة لصناعة الأقمار الصناعية التي تعمل في مداراتٍ مرتفعة، وكذلك ارتفاع نسبة الفقد في القنوات الناقلة طردياً كلما زاد الارتفاع عن الأرض، فإنّ الدكتور “فيلوريسي” يشرح منطق الفريق في اختيار هذه النوعية من الأقمار الصناعية بالذات دوناً عن غيرها، ويقول: “إنّ السرعة المدارية المرتفعة للأقمار الصناعية التي تدور في مدارات قريبة من الأرض أو ما تعرف بـ الـ “LEO” فعالة جدًا في التغطية العالمية السريعة، لكنها في نفس الوقت تكلف مركز التحكم الأرضي تقليص الفترة الزمنية التي يمكن لها أنْ ترصدها مباشرة. وعلى عكس ذلك، فإنّ استخدام أقمار ذات ارتفاعات كبيرة تسمح بزيادة الفترة الزمنية للاتصال المباشر بينهما، فتصل لساعات كاملة في حالتنا هذه”.
وأكمل: “لا تقفْ الاتصالات الكمية عند هذا الحد فقط، لكنها تضع حلولاً فعلية لأمن المعلومات للناقل وللمستلم على حدٍ سواء، وكذلك في القنوات الداخلية في القمر نفسه أو مراكز التحكم، وفي حالتنا هذه ستمنحنا الاتصالات الكمية بروتوكولات أمنية جديدة كليا وغير مشروطة سواء للمصادقة أو التوافق أو سرية تبادل المعلومات”.
إنّ تبادل الفوتون الواحد هذا مع أقمار “GNSS” لهو إنجازٌ مهم في المنظور التطبيقي والعلمي؛ على سبيل المثال إنه مناسبٌ تماماً لصنع الخرائط في إيطاليا، وهي كانت آخر إنجازاتنا بالشراكة مع جامعة بودا الإيطالية والتي بالمناسبة مازالت قائمة منذ 2003م في مجال الاتصال الكمي.
- ترجمة: مروان عاطف.
- مراجعة: محمد يامين.
- تدقيق لغوي: عبود أكرم.
ما الشروط ليتمكن الانسان من الذهاب الى الفضاء؟