جينات الأرق – قام فريق بحثي دولي من مدرسة طب هارفارد بإجراء بحثٍ في مستشفى ماساتشوستس العام مع مشاركين من جامعة إكستير للطب وتوصلوا إلى 57 منطقةٍ جينيةٍ متعلقةٍ بأعراض الأرق.
حيث صرّحت الباحثة جاكلين لين (Jacqueline lane): “تؤكد نتائج بحثنا وجود دورٍ للجينات في ظهور أعراض الأرق، فتلك الجينات المكتشفة تساعدنا على التوصل لفهمٍ أكبر لسبب إصابة البعض بالأرق دوناً عن الآخرين، وأيضاً على معرفة أيٍّ من الأنظمة الحيوية وسلاسل التفاعلات الكيميائية (Pathways) تتأثر في هذه الحالة، مما قد يرشدنا إلى أهداف علاجية* جديدة.”
إنّ الأرق يصيب حوالي 10-20% من البالغين، وتشير الأبحاث المجراة على العائلات والتوائم أن ثُلث حالات الأرق منتقلة وراثياً في حين أشارت بعض الأدلة أنّ الأرق يزيد من مخاطر الإصابة باضطرابات القلق واضطراب استهلاك الكحوليات والاكتئاب و“متلازمة أيضية قلبية-Cardiometabolic syndrome”* لكن لا تتوافر الكثير من المعلومات عن آلية-mechanism- حدوث تلك الأمراض بسبب الأرق.
في دراسةٍ نُشرت في “Nature genetics” عام 2017 تحت إشراف ريشا ساكسينا (Richa Saxena) أستاذة التخدير في مستشفى ماساتشوستس العام، تم التوصل إلى ثلاثة مواقع جينية متعلقة بأعراض الأرق المشخص ذاتياً بين أكثر من 112,500 مشارك في دراسة “UK Biobank“، أما في الدراسة الحالية، قام الفريق البحثي بتحليل بيانات أكثر من 450,000 متطوع بدراسة “UK Biobank” وتبيّن أنّ 29% منهم أظهر أعراضاً متكررة للأرق، وربطت الدراسة بين 57 موقعًا جينيًّا والأرق المشخص ذاتياً وذلك مع استبعاد الحالات المتأثرة بعوامل خارجية مسببة للأرق، مثل نمط الحياة واستهلاك الكافيين والاكتئاب والضغط النفسي.
المناطق الجينية المتعرّف عليها تتضمن جينات مرتبطة بـ”ubiquitin–يوبيكويتين“-وهو بروتين مسؤول عن أيض وتنظيم البروتينات بالخلايا- والجينات النشطة بالدماغ والعضلات الهيكلية والغدد الكظرية، وعلى الرغم من أن بعضاً من تلك الجينات مرتبطة بأعراض الأرق ومتلازمة تململ الساقين ومرض الشريان التاجي؛ إلا أنها لا تتضمّن جيناتٍ مسئولةَ عن النواقل العصبية المتعلقة بتنظيم عملية النوم.
وللتأكد من إمكانية تعميم نتائج دراسة “UK Biobank”، تمت مقارنة نتائج الدراسة مع نتائج دراسات بحثية مشابهة أخرى مثل: “HUNT study” بالنرويج و “Partners HealthCare Biobank” ببوسطن مما أكد تلك النتائج.
أهداف جديدة
أظهرت وسيلة تحليلية تُسمى “العشوائية المندلية” (Mendelian randomization)-وهي وسيلة تحليلية في علم الأوبئة تعتمد على الربط بين وجود جينات محددة وارتفاع احتمالية الإصابة ببعض الأمراض- أنّ وجود بعض أعراض الأرق يرفع من احتمالية الإصابة بمرض الشريان التاجي بالإضافة لأعراض الاكتئاب. حيث صرّح صموئيل جونز (Samuel Jones) من جامعة إكستير للطب: “إنّ الأرق له تأثير بالغ على ملايين البشر، ولطالما علمنا بوجود رابطٍ بين الأرق والأمراض المزمنة، والآن توضح نتائج الدراسة أنّ أمراض القلب والإكتئاب قد تنتج عن الأرق المزمن”. وأضافت جاكلين لين (Jacqueline lane): “تلك المناطق الجينية التي تمّ التعرُف عليها تُعتبر بمثابة أهدافٍ علاجيةٍ جديدة، حيث تُعد بالفعل 16 منطقة منهم أهدافًا معروفةً لبعض الأدوية، فالعلاقة السببية -تلك التي بين أعراض الأرق وأمراض القلب والاكتئاب- تُوضّح مدى أهمية دور الأدوية المعالجة للأرق في كونها علاجًا محتملًا لأمراض القلب والاكتئاب.” كما أضاف مايكل ويدون (Michael Weedon) من جامعة إكستير: “يوجد العديد من المشاكل المتعلقة بأدوية الأرق الحالية مثل الأعراض الجانبية والإدمان وصعوبة الحصول عليها. لذا، نأمل أنّ مزيداًً من الفهم للآليات المسببة للأرق قد يُمهّد الطريق لصنع أدويةٍ أكثر ملائمةً لحالة كل فرد والذي بدوره يُحسّن من الحالة الصحية للأفراد على المدى الطويل. وأخيراً صرّحت ريشا ساكسينا (Richa Saxena)، وهي محررةٌ أولى للدراسة: “ما هو آتٍ ليس إلا مزيدًا من العمل الشاق لمعرفة كيف تؤدي التغيرات الجينية إلى الأرق، وذلك يتطلب المزيد من الدراسات على الخلايا البشرية والفئران وغيرها من الكائنات، كما توجد ضرورة ملحة لمعرفة العلاقة السببية بين الأرق والنتائج الإكلينيكية السابق ذكرها، ولن يتحقق ذلك إلا بمزيدٍ من التعاون بين الدول والمؤسسات المعنية المختلفة.”
*أهداف علاجية-therapeutic targets: هو مصطلح مقصود به ما يستهدفه الدواء سواء كان هدفًا بيولوجيًا محددًا مثل إنزيمٍ أو حاملٍ للجزيئات عبر الخلايا-carrier أو جينٍ ما على الحمض النووي أو بدون هدف محدد -تأثير كيميائي فيزيائي- .
*Cardiometabolic syndrome: هي متلازمة عبارة عن مجموعة من المشاكل الأيضية المتعلقة بارتفاع ضغط الدم ومقاومة الإنسولين وغيرهم.
- ترجمة: عبدالفتاح حسن.
- مراجعة: رند فتوح.
- تدقيق لغوي: مروى بوسطه جي.