ينص القانون الثاني في التيرموديناميك على أنه في نظام مغلق ومعزول وخلال أي عملية حقيقية قابلة للتطبيق فعلاً يجب أن يكون تغير الإنتروبي أكثر من الصفر، وفي حال العمليات العكوسة “المثالية” يمكن لتغير الإنتروبي أن يساوي الصفر خلال العملية. ولكن ما هو تغير الإنتروبي وماذا يعني؟
يعطى الإنتروبي الرمز S والوحدة
ويعتبر الإنتروبي خاصية شمولية للمادة extensive variable وهي خاصية تتناسب مع كمية المادة في النظام، ويعتبر أيضاً دالة حالة function state وهي خاصية تعتمد فقط على حالة النظام ولا تعتمد على الطريق الذي سلكه النظام للوصول للحالة. يشير تغير الإنتروبي إلى الاتجاه الطبيعي الذي تسير به العمليات، فتسير العمليات بطريق واحد فقط غير قابل للعكس. مثلاً تنتقل الحرارة بشكل تلقائي من المصدر المرتفع إلى المصدر المنخفض، ولا يحدث العكس بشكل تلقائي.
وتسير جميع العمليات باتجاه نقصان إمكانية استخدام الطاقة وليس نقصان الطاقة. ونحن نعلم من القانون الأول أن الطاقة مصونة، ولكن كلما تحولت أو تحركت الطاقة، تقل إمكانية توظيفها لأداء عمل ما، مثل تحريك سيارة، أو تشغيل محرك كهربائي، حيث أن معظم الطاقة تصبح بشكل غير مفيد كحرارة في الجو.
تخيل مثلاً أن لديك خزانين للهواء، أحدهما ذو ضغط مرتفع والآخر ذو ضغط منخفض، فإذا فتحنا الخزانين على بعضهما، سوف ينتقل الهواء من الضغط العالي للمنخفض. يمكن وضع مروحة بين الخزانين وإنتاج عمل من انتقال الهواء، ولكن سوف يقل هذا الانتقال تدريجياً ويتوقف عند تساوي الضغوط. نلاحظ أن كمية الطاقة في الخزانين بقيت نفسها، ولكن لم يعد بالإمكان الاستفادة منها بتحويلها إلى عمل. يمكن أن نفترض أيضاً وجود نظام مغلق ذي درجة حرارة أكبر من درجة حرارة الوسط المحيط، عندئذ سوف تنتقل الحرارة من هذا النظام إلى الوسط المحيط ويمكن استغلالها لأداء عمل، ثم ستتوقف عند الوصول لحالة التوازن ولن نتمكن من استخراج أي عمل منه حينها، وجميع العمليات تسير بنفس هذه الطريقة.
سوف ننظر للإنتروبي من منظورين:
تعريف الترموديناميك الكلاسيكي للإنتروبي يوضح المعنى “التجريبي” للإنتروبي، أما الميكانيك الإحصائي يوسع المفهوم، ويقدم تفسيراً وفهماً أكثر قرباً للطبيعة.
الميكانيك الإحصائي
توضيح: في الترموديناميك يتم وصف حالة نظام ما Macrostate من خلال خصائصه الماكروسكوبية Macroscopic مثل الحرارة والضغط والحجم. ولكن هذا النظام في الحقيقة مؤلف من مجموعة من الذرات، إذن يمكن نظرياً تقديم توصيف أفضل لنظام ما بحيث نقوم بتوصيف النظام من خلال توصيف خصائص ذراته مثل (السرعة، الموقع،…إلخ) ويسمى هذا التوصيف لنظام ما بالميكروستيت Microstate. وكما هو معروف، فإن الجزيئات تتفاعل مع بعضها (تتصادم على سبيل المثال) في كل لحظة مما يؤدي لتغير الحالة الميكروية، ولكن هذا التغير لا يؤدي إلى تبدل الحالة الماكروية للنظام. بمعنى أن مجموع الحالات الميكروية يؤدي إلى نفس الحالة الماكروية.
التعريف الإحصائي تم تطويره من قبل بولتزمان في عام 1870، من خلال تحليل السلوك الإحصائي للمواصفات الميكروسكوبية والمواصفات الماكروسكوبية لنظام ما. الإنتروبي تحسب عدد احتمالات المواصفات الميكروسكوبية التي تؤدي إلى نظام بنفس المعطيات الماكروسكوبية، بحيث أنه كلما زادت هذه الاحتمالات، تزداد الإنتروبي. إذن الإنتروبي هي عدد الاحتمالات التي يمكن بها أن يكون نظام ما. ويمكن فهمها على أنها مقياس للفوضى (أي كلما ارتفعت قيمة الإنتروبي، ازدادت الفوضى) مع العلم أن إنتروبي النظام تزداد كلما اقترب من التوازن مع المحيط، أي أن حالة التوازن تملك أكبر عدد من الترتيبات المايكروسكوبية الممكنة. يحسب الإنتروبي لنظام ما بالعلاقة التالية التي تطبق ضمن شروط محددة:
حيث: k ثابت بولتزمان
N : عدد الاحتمالات للحالة المايكروية
الترموديناميك الكلاسيكي
نبدأ أولاً بمفهوم المحرك الحراري:
المحرك الحراري هو نظام قادر على تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية يمكن استخدامها لأداء عمل.
يعمل المحرك الحراري بين مصدرين، مصدر عالي للحرارة Heat Source) TH) ومصدر منخفض
Heat Sink) TL). تنتقل كمية الحرارةQH من المصدر العالي heat source إلى النظام Working body
حيث يتحول جزء منها إلى عمل من خلال عمليات ترموديناميكية معينة، وتنتقل الحرارة المتبقية QL إلى المصدرالمنخفض Heat Sink حيث لا يتم الاستفادة منها.
ويعطى العمل المنجز بالعلاقة:
مردود الدورة هو العمل الذي حصلنا عليه مقسوماً على الطاقة التي أعطيت للنظام:
تم افتراض دورة عكوسة مثالية تسمى دورة كارنو، يتم إهمال أي تأثير للاحتكاك فيها، ويتم نقل الحرارة إلى النظام ضمن خطوات بسيطة مع تحقيق التوازن مع المحيط في كل خطوة quasi static “محرك كارنو”
نلاحظ بتعويض علاقة العمل في علاقة المردود أن مردود أي دورة حرارية هو:
ولكن في حالة دورة كارنو المثالية يكون:
ويكون مردود دورة كارنو:
أي أن المردود يعتمد فقط على حرارة المصدر والمصرف.
نلاحظ من محرك كارنو علاقة التساوي:
أي أن نسبة كمية الحرارة الخارجة من المصدر على حرارة المصدر تساوي نسبة كمية الحرارة الداخلة إلى المصرف على درجة حرارة المصرف (الحرارات مطلقة)
لاحظ كلاسيوس عدم صحة هذه المساواة في أي عملية حقيقية، فمثلأً عند انتقال 10 جول من الطاقة من جسم بحرارة k350 إلى غرفة حرارتها 300k نلاحظ:
أي ان الكمية تزداد مع الاتجاه الطبيعي لانتقال الحرارة
(هنا اعتبرنا أن حرارة الجسم والغرفة ثابتة أثناء هذا الانتقال)
أطلق كلاسيوس على نسبة (كمية الحرارة/درجة الحرارة) اسم (إنتروبي)
ولفهم أكثر للقانون الثاني نستعرض بعض الأفكار:
مبدأ كارنو
” لايمكن لأي محرك أن يعطي مردود أكبر من مردود محرك كارنو العكوس بين نفس المصدر والمصرف “ فكي يزداد مردود المحرك يجب أن تقل كمية الحرارة المتجهة إلى المصرف عن كمية الحرارة في حالة كارنو، أي أن المحرك يجب أن يستخرج عمل أكثر من الكمية Qh. ونلاحظ أن انخفاض نسبة كمية الحرارة إلى درجة الحرارة في المصدر سوف يكون أكبر من نسبة ارتفاعه في المصرف، مما يعني أن الإنتروبي سوف يصبح سالب وهذا مخالف للقانون الثاني.
مقولة كلاسيوس
“من المستحيل إنشاء أي جهاز يعمل على دورة ترموديناميكية ولا ينتج أي مفعول سوى نقل الحرارة من المصدر المنخفض إلى المرتفع”
* يمكننا من تعريف الإنتروبي ملاحظة أنه في حال انتقلت الحرارة من المصدر المنخفض إلى المصدر المرتفع فسيصبح الإنتروبي أقل من الصفر، وهذا يخالف القانون الثاني. ونلاحظ أن المقولة لا تعني أنه لايمكن نقل الحرارة من المصدر المنخفض للمرتفع، ولكن من المستحيل فعل ذلك بدون بذل عمل. وفي حال تم بذل عمل لنقل الحرارة تسمى حينها الدورة “تبريدية”.
مقولة كالفن وبلانك
“من المستحيل إنشاء جهاز يعمل على دورة ترموديناميكية دون أن يحول كامل الطاقة المقدمة له إلى عمل”
*اي بدون أن تتجه أي كمية حرارة Ql إلى المصرف ويكون العمل مساوي لـ Qh. وفي حال كان ذلك ممكنا، سوف نتمكن من تحويل العمل إلى دوره تبريدية ونقل الحرارة من المصدر المنخفض إلى المرتفع بدون بذل طاقة إضافية وهذا يخالف القانون الثاني.
ملاحظة: القانون الثاني ينص على أن الإنتروبي في نظام معزول ومغلق دائماً أكبر من الصفر، ولكن في حال كان هذا النظام يتألف من عدة أنظمة جزئية، قد يكون تغير الإنتروبي لبعض هذه الأنظمة سالباً، ولكن محصلة التغير الكلية يجب أن تكون أكبر من الصفر.
نلاحظ أن تغير الإنتروبي لنظام ما أثناء خروج كمية حرارة منه “بحرارة ثابتة” يساوي:
ولكن هذه الحرارة تخرج للمحيط، ويكون تزايد إنتروبي المحيط أكبر من تناقص إنتروبي النظام.
إذاً تغير الإنتروبي الكلي للكون الذي يحتوي على النظام والمحيط يكون أكبر من الصفر (بالعمليات الحقيقية).
الموت الحراري للكون
بما أن الإنتروبي بنظام مغلق ومعزول (مثل الكون) تزداد دائماً فهنالك فرضية تقول أنه بعد فترة طويلة من الزمن سوف تتحول جميع الطاقة الموجودة في الكون إلى شكل غير مفيد (إنتروبي عظمى). ويحدث ذلك عندما تنتقل جميع الطاقة المتوفرة (مثل مصدر عالي للحرارة) إلى مكان أقل طاقة (مثل المصرف الحراري) حينها يصل الكون لحالة “توازن” ولا يمكن استخراج أي عمل منه.
- إعداد: حكم زعبي.
- مراجعة: بشار رمضان.
- تدقيق لغوي: مناف جاسم.
يا ريت لو تكثفوا التنزيل عن الثيرموداينامكس فكلنا نعانئ مشكلة في فهمها ومشكورين