تتشكل أليلاتٌ جديدة حين تحدث الطفرات

الأسرة البشرية كلها نوع واحد يمتلك نفس الجينات. تُحدِث الطفرة نُسخًا مُختلفة قليلًا عن الجينات نفسها؛ تسمى الأليلات، وتجعل هذه الاختلافاتُ الصغيرة في تسلسل الحمض النووي كلَّ شخصٍ شخصًا فريدًا؛ إنها تمثل الاختلاف الذي نراه في لون الشعر لدى البشر ولون البشرة والطول والشكل والسلوك والقابلية للإصابة بالأمراض، كما يختلف الأفراد في الأنواع الأخرى أيضًا، من ناحية المظهر الجسدي والسلوك.
التغيرُ الوراثيُّ مفيد؛ لأنه يساعد السكان على التغير مع مرور الوقت، تُمرَّر التغيرات التي تساعد الكائن الحي على البقاء والتكاثر إلى الجيل التالي ويُقضى على الاختلافات التي تعيق البقاء والتكاثر من السكان، كما يمكن أن تؤدي عملية الانتقاء الطبيعي هذه إلى تغييرات كبيرة في فسيولوجيا الأفراد أو سلوكياتهم أو مظاهرهم في مجتمع ما، وذلك في خلال بضعة أجيال فقط.
بمجرد ظهور أليلات جديدة، يعمل الانقسام الاختزالي والتكاثر الجنسي بين الأليلات المختلفة بطرائق جديدة بغية زيادة التغيرات الوراثية.
الطفراتُ بالمقارنة مع التباين الوراثي

من المفيد التفكير في الطفرة على أنها عملية تخلق التباين الوراثي وتشير إليه، ويمكن أن يكون هذا النهج مفيدًا عندما يتعلق الأمر بالجين المرتبط بمرض ما؛ إذ يحمل أليل المرض طفرة، وهو تغيير بالحمض النووي (DNA)؛ مما يُضعف وظيفة البروتين. ومع ذلك، يُسبغ هذا النهجُ على كلمة طفرة صفةً سيئة.
من المهم أن تتذكر أن فقدان وظيفة الجين لا يؤثر دائمًا على الصحة؛ فعلى سبيل المثال: تحتوي معظم الثدييات على مئات الجينات التي ترمز لمستقبلات حاسة الشم وهي بروتينات تساعدنا على الشم، ثم إن فقدان أحد هذه الجينات ربما لا يُحدث فارقًا كبيرًا.
على عكس الاختلافات التي تسبب المرض، هناك العديد من الأمثلة على الاختلافات التي لا تُصنف على أنها جيدة أو سيئة؛ ولكنّها مختلفة تمامًا، مثل زمر الدم ولون العينين. تمامًا مثلما هي الحال مع أليلات المرض؛ تخلق عملية الطفرة هذه الاختلافات المحايدة.
غير أن الحال مع وجود اختلافات محايدة، قد يكون من المستحيل معرفة أي أليل هو “الطبيعي” الذي كان موجودًا أولًا وهو “المتحول” – وغالبًا ما يكون التمييز غير مُجدٍ.
البروتيناتُ والمفاتيحُ التي تتحكم بها

تُحدِث الطفرة اختلافات في أجزاء ترميز البروتين من الجينات التي يمكن أن تؤثر في البروتين نفسه؛ لكن في كثير من الأحيان، يخلق اختلافات في “المفاتيح” التي تتحكم في زمن تنشيط البروتين وموقعه وكمية البروتين التي تُصنع.
اللاكتاز؛ إنه إنزيم يساعد الرُّضع على هضم اللاكتوز (هو سكر في الحليب). عادةً ما يكون الجين الذي يرمز اللاكتاز نَشِطًا لدى الأطفال ثم يخمد عند سن الرابعة تقريبًا. عندما يستهلك الأشخاصُ -الذين لا يصنع جسمهم اللاكتاز- الحليبَ، فإنهم يتعرضون للنفخة والغثيان وعدم الارتياح.
لكن لدى بعض الأشخاص تباينٌ في التبديل الوراثي الذي يحافظ على نشاط جين اللاكتاز، ويُطلق على هذا الاختلاف: “استمرار اللاكتاز”، ويمكن للأشخاص الذين يمتلكونه الاحتفاظَ بالحليب في وجباتهم الغذائية حتى عند البالغين.
الآليات الأخرى لحدوث الطفرات؛ العوامل البيئية

الإشعاع والمواد الكيميائية والمنتجات الثانوية لعملية الاستقلاب الخلوي والجذور الحرة والأشعة فوق البنفسجية من الشمس… كلها عواملٌ تُلحق الضرر بآلاف النوكليوتيدات في كل من خلايانا كل يوم. إنها تؤثر في النيوكليوتيدات نفسها؛ تأثيرات مثل: تحويل أساس واحد إلى آخر أو إزاحته من مكانه أو حتى التسبب في كسر في سلسلة الحمض النووي DNA نفسه.
إصلاح الـ DNA
في معظم الأحيان، يُمنع حدوث الطفرة؛ تعمل آلات إصلاح الحمض النووي باستمرار في خلايانا؛ إذ تعمل على إصلاح النوكليوتيدات غير المتطابقة وتوصيل خيوط الـ DNA المكسورة مرة أخرى، مع ذلك، تظل بعض التغييرات الحمض النووي موجودة.
إذا كانت الخلية تحوي الكثير من التغييرات -إذا كان الحمض النووي الخاص بها تالفًا جدًا بشكل لا تتمكن آلية الإصلاح من إصلاحه- فهي إما تتوقف عن الانقسام أو تتدمر ذاتيًا، وإذا فشلت كل هذه العمليات، فقد تصبح الخلية سرطانية.

عندما نضع المرهم الواقي من الشمس، فإننا نحمي أنفسنا من الطفرة في الخلايا الجلدية، وهي الخلايا التي تشكل الجسم ولا تشارك في التكاثر، فقط عندما تُجرى تغييرات الحمض النووي في خلايا البويضات والحيوانات المنوية، فإنها تنتقل إلى الجيل التالي.
صدق أو لا تصدق؛ يُضَمَّن قدر معين من الركود في النظام؛ وبدون حدوث طفرة، لن يكون هناك أي تغيير، وبدون التغيير لن يكون هناك تطور!
تعريفات:
- الحمض النووي الريبي المنقوص الأكسجين (DNA)؛ الاسم الكيميائي لذلك الجزيء الحلزوني الطويل الذي يوجد في الخلايا.
- المورثات (Genes)؛ قطع من الـ DNA تشفر-غالبًا- بروتينات ذات وظائف محددة.
- النيكليوتيدات (Nucleotides)؛ أحجار البناء التي تشكل الـ DNA.
- الأليلات أو اللواقح (Alleles)؛ نُسختان مُختلفتان من المورثة نفسها يختلف بعضها عن بعض اختلافًا صغيرًا يتمثل في ترتيب النيكليوتيدات في هيكلها.
- الطفرات (Mutations)؛ الأخطاءُ في نسخ الـ DNA، وعندما تحدث هذه الطفرات في البيوض أو النطاف تنتقل صفات جديدة إلى النسل الناتج.
- ترجمة: فريز إبراهيم.
- مراجعة: مرح مسعود.
- تدقيق لغوي: نور عبدو.